التحرش بالأطفال.. كيف تحمي صغيرك من الاعتداء الجنسي؟
حدثت العشرات من حالات الإساءة في السنوات الأخيرة ، معظمها مروعة ومؤلمة ، تورط فيها أطفال في السنوات العشر الأولى من حياتهم ، وبالتالي لا يمكن التمييز بين السلوك الصحيح والخاطئ دون إشراف الوالدين.
الاعتداء الجنسي على الأطفال هو استغلال الطفل لإشباع الرغبات الجسدية لشخص بالغ أو مراهق ، بما في ذلك تعريضه لأي نشاط أو سلوك جنسي مثل لمسه أو ملامسته للمعتدي الجنسي ، وهذه الأمور هي جرائم جنائية تعاقب عليها قوانين جميع البلدان.
قالت منظمة الصحة العالمية في يونيو / حزيران إن واحدة من كل خمس نساء وواحد من كل 13 رجلاً أبلغوا عن تعرضهم للاعتداء الجنسي في طفولتهم ، مما يشير إلى أن 120 مليون فتاة دون سن العشرين قد تعرضن لشكل من أشكال الاتصال الجنسي القسري.
وفي هذا الصدد ، قالت الدكتورة شيماء إسماعيل ، مستشارة الأسرة والشؤون الاجتماعية في مصر ، إنه من المهم جدًا أن يتحدث الآباء مع أطفالهم عن الإساءة ، خاصة عندما يبلغون سن السادسة ، ويفهمون هذه الأمور.
وأوضح إسماعيل أن الخطوة الأولى تبدأ بالتحدث مع الأطفال عن الخصوصية ، مضيفًا: “يجب على الشاب أن يدرك أن جسده ما هو إلا له وأنه لا ينبغي لأحد أن يمسه ، حتى لو أكد أصدقاؤه أو أقاربه ذلك. الامور ممنوعة تماما “.
وشددت على ضرورة ترسيخ مبدأ الخصوصية لجسد الطفل منذ البداية عندما يقع تحت باب احترام الذات ، موضحة أن الخطوة الأولى لحماية الطفل لنفسه هي التمييز بين الآراء الجيدة والسيئة.
وتابعت: “التمييز بين هاتين النظرتين يساعد الطفل على تخمين من يريد أن يؤذيه ويستغل من هو الصالح ، كما يحذر الأطفال من الجلوس بجانب شخص ما أو على أقدامهم ، مهما كانت درجة علاقتهم ، وترك مسافة بينهم. الذراع ، لأن مثل هذه الأفعال تفتح الباب أمام الطفل لكي يعتاد على ملامسة الآخرين لجسده “.
وشددت على أنه يجب على الآباء تشجيع أطفالهم على الكلام وإبداء التفهم والموافقة ، بالنظر إلى أن الإجابات مثل “لا يستطيع فعل ذلك” أو “أنت تسيء فهم فلان” هي من بين أكبر الأخطاء التي ترتكبها الأمهات و ويقود الآباء الشباب إلى الصمت ، مما يجعلهم فريسة سهلة لمضطهديهم.
وأضافت: “دور الوالدين هو تقوية أطفالهم نفسياً وتشجيعهم على الكشف والإيمان بما يتعرضون له ، وهذا يدفعهم للدفاع عن حقوقهم ، وسيكبر الطفل الصغير مستمتعًا بهذه الصفة المهمة”.
أنواع التحرش
خبيرة التنمية البشرية وتطوير الذات تحدثت عن تعدد أشكال التحرش، وقالت: “هناك التحرش اللفظي وهو توجيه ألفاظ للطفل لا يصلح أن يسمعها، والتحرش بالإيحاء عندما يفعل شخص تصرفات خارجة أمام الطفل، والتحرش الجسدي وهو محاولة لمس جسد الصغير بأي شكل”.
وحذرت من انتشار تحرش الأقارب مؤخراً بسبب عدم أخذ الوالدين الحيطة والتسليم لمجرد وجود صلة قرابة أو الإنكار وعدم تصديق الطفل عندما اشتكى من تصرفات مريبة.
وقالت إسماعيل: “أحياناً يهاجم الوالدان الطفل عندما يخبرهما بتعامل غريب من أحد الأقارب، وهذا خطأ كبير يدفع الصغير للخوف والصمت والانطواء وأيضاً قد يتطور الأمر لمعاناته من الشعور بالوحدة وعدم الثقة بالذات والآخرين”.
الحرمان العاطفي من المشاكل الكبيرة التي أسهمت في انتشار التحرش، إذ إن اشتياق الطفل للحب والحنان يدفعه لاستحسان محاولات البعض لاحتضانه وتقبيله والشعور بالراحة دون أن يترجم أن هذا الفعل خطأ، والسبب في ذلك افتقاده لحب وحنان والديه وحرمانه العاطفي الشديد، وفقاً للخبيرة.
وقالت إن المتحرش قد يستغرق عدة أشهر حتى تتضح نواياه الخبيثة، وشرحت: “غالباً يأخذ الجاني 6 أشهر لدراسة وتحليل الوضع قبل التحرش بضحيته، لذا من الضروري أن تنتبه كل أم ولا تعطي الأمان لأحد لمجرد أنه لم يتخط حدوده في اللقاءات الأولى”.
نصائح للأطفال
وجهت الطبيبة المختصة نصائح عدة يجب على كل أم تلقينها للصغار، وعلى رأسها التنبيه على الطفل بعدم دخول أي منزل بدونها أو على الأقل دون وجود ربة المنزل خوفًا من استغلال المراهقين للصغار والتحرش بهم.
وقالت: “في حالة ترك الطفل مع السائق بمفرده يجب ألا يجلس بجواره حتى لا يستغل قرب المسافات ويحاول التحرش به، فضلاً عن رفض الطفل محاولات أي شخص الاتكاء عليه حتى لا يكون ذلك ذريعة للتحرش”.
وشددت على ضرورة تلقين الطفل كيفية التصرف حال وجوده مع شخص بمفرده في غرفة واحدة، موضحة أن أهم خطوة ترك الباب مفتوحاً وفي حال أصر الطرف الآخر على غلقه يجب أن يستغيث الطفل ويصرخ.
وأضافت إسماعيل: “أيضاً من المهم تعليم الأطفال النظر في عين المتحرش لأن الأخير غالباً يكون مهزوزاً، وحال شعوره أن ضحيته قوية يتراجع، وإذا لم يفعل يجب تلقين الطفل كيف يبعد أي شخص عنه”.
وأكملت: “من المهم تعليم الصغير كيف يسدد اللكمات والركلات وأماكن الضعف عند الإنسان ليستغلها لصالحه، وتزويده بأدوات يدافع بها عن نفسه مثل بخاخة الفلفل والدبابيس أو غيرهما”، معتبرة أن تنشأة الطفل على الجرأة عامل مهم للدفاع عن نفسه في أي موقف.
ولفتت الخبيرة المختصة إلى أهمية مشاهدة الأطفال للبرامج التوعوية المتخصصة التي تنجح في إيصال المعلومات بسهولة وإتقان لا تتوفر عند الوالدين أحياناً، فضلاً عن أهمية دور المدرسة في توعية الأطفال بأساليب التحرش وكيفية تجنبه.
وحذرت من خطورة بعض الأفلام والألعاب التي تعود الطفل على تقبل التحرش أو فعله، مثل لعبة الطبيب والمريض، إذ تزرع داخل الصغير سهولة لمس جسده والاطلاع عليه، فضلاً عن تخطيه في حق الآخر ولمس أجزاء من جسده أيضاً.
حملات التوعية
دشنت عشرات الدول والمنظمات المعنية حملات للتوعية بهذا الموضوع، كان آخرها مجلس الصحة الخليجي الذي أطلق حملة ضد المتحرشين بالأطفال، في خطوة لردع الظاهرة التي استفحلت مؤخراً في أوساط المجتمع.
ورفعت الحملة شعار “ما ينسكت عنه” وتهدف للتوعية بمخاطر التحرش بالأطفال من خلال بث مقاطع فيديو توعوية توضح الآثار النفسية جراء هذه الجريمة.
ونشر المجلس الخليجي عبر حسابه الرسمي على موقع “تويتر” تفاصيل الحملة، معتبراً أن “صمت العائلة عن المتحرش يهدم شخصية الطفل ويسمح بتماديه”، مؤكداً أن عدم خلق بيئة آمنة بين أفراد العائلة يجعل الطفل أكثر عرضة للتحرش والخوف من الحديث عنه.
وهذه ليست الحملة الوحيدة للتوعية بموضوع التحرش بالأطفال في الوطن العربي، إذ سبقها حملات كثيرة بأسماء متعددة لكن الهدف واحد، مثل “صحى النوم”، “حدك”، “لا تلمسني”، “لازم نحميهم”، “احمي نفسك”، وغيرها.