عقد عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني “الثقافية والمجتمعية” والتنظيمات السياسية ونشطاء عراقيين من اكاديميين ومثقفين وإعلاميين متواجدين على الساحة الألمانية لقاءً تشاورياً في 4 تشرين الاول على تطبيق الزوم، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاندلاع التظاهرات الشعبية. لقد ناقش المجتمعون موضوعين اساسيين، الأول هو مسألة دعم الانتفاضة للوصول إلى أهدافها. والثاني العمل على تحقيق “مبادرة” بإتجاه توحيد جهود العراقيين على الساحة الألمانية، والخروج من حالة التشتت واللامبالاة ازاء قضايا الوطن وحاجات أهله الى حالة الاسهام الفعال في انقاذ وطن ضائع وانتزاع حقوق شعب مسلوبة، جسدها شعاران في غاية من الدقة وعمق التعبير وهما .. “نريد وطن” و “نازل آخذ حقي”. وبدافع الحرص والمسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه ما يحدث كوارث في بلادنا منذ سبعة عشر عاما أكد اللقاء على أهمية التعاون بين القوى الوطنية العراقية وتنظيماتها السياسية ومنظمات المجتمع المدني وقطاعات شعبنا الاخرى، ذات المصلحة الحقيقية في العمل على تغيير المنظومة السياسية الحاكمة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تحفظ حقوق الناس وحرياتهم السياسية والفكرية والعقائدية ودورهم في اعادة بناء وطنهم .
وطرحت في اللقاء مجموعة آراء ومقترحات هامة في مقدمتها ضرورة دعم مطالب الانتفاضة الشعبية التي حضيت، بشكل لافت، بتأييد قطاعات واسعة من ابناء شعبنا وقواه الوطنية، وذلك بوصفها المنطلق الاساس لانهاء منظمومة المحاصصة الطائفية والعرقية التي عملت على شق مجتمعنا واضعاف لحمته الوطنية، واشاعة الفساد والسطو المنظم على المال العام حتى وصل البلد في النهاية الى هاوية الافلاس .
وأنشغل اللقاء في نقاشاته بالأوضاع المتردية في بلادنا وانسداد آفاق معالجة الازمات المتراكمة منذ عام 2003، وانكشاف حقيقة أن الاحزاب والجماعات الماسكة بخناق الوطن وناسه لايعنيها شئ سوى الابقاء على حكمها وامتيازاتها على حساب البلد ومصائر أهله. لقد أصبح التغيير الجذري والشامل مهمة مصيرية وملحة لاتحتمل التأجيل أبدا. وطننا العراق يقف على حافة هاوية لا قرار لها. إن قوى شعبنا الوطنية والديمقراطية وكافة الفعاليات الشعبية داخلَ الوطن وخارجه أمام مهمة وطنية وجودية .
وتوقف الاجتماع عند بعض شعارات المتظاهرين وواقعيتها، وأهمية الابتعاد عن العدمية في المواقف والبحث الجدي في تنسيق الخطوات والشعارات والأساليب النضالية التي من شأنها انبثاق الأطر القيادية الجماعية في كل ساحات التظاهر. ولشحة مصادرها المالية دعا الاجتماع للقيام بحملات تبرع لدعم الانتفاضة وسد إحتياجاتها المختلفة. وتوقف الاجتماع عند ظاهرة المليشيات والسلاح المنفلت والقتلة المجهولين والدولة العميقة تقف في موازاة الدولة العراقية وتعمل بتوجيه من الخارج على تعطيل دورها وابتلاعها في النهاية، فضلا عن أرهابها المتواصل لثوار حركة الاحتجاج ونشطائها قتلا وخطفا وتغييبا. كما وشدد المجتمعون على ضرورة أجراء الإنتخابات تحت أشراف دولي وأقرار قانون انتخابات بعيدا عن تأثير الاحزاب الفاسدة ونفوذها، وتفعيل قانون الاحزاب، ومنع الاحزاب والسياسين ممن يمتلكون أجنحة مسلحة من خوض هذه الانتخابات، والحليلولة دون أن يكون للمال السياسي دوره في أفساد خيارات الناخبين. ولم يكن المشهد السياسي العراقي بتفاصيله العامة، غائباً، عن العديد من الملاحظات والأفكار والنقاشات المتعلقة بأطر العمل بين الأفراد والتنظيمات المشاركة في اللقاء. وطُرحت آراء متنوعة بشأن ضرورة تجميع قوى التغيير: الانتفاضة الباسلة والقوى السياسية والحركات الاجتماعية والمنظمات المهنية والنقابات صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير، التي يشكل تعاونها حجر الزاوية في تحقيق التحول الديمقراطي المنشود وبناء دولة المواطنة.
وشدد الاجتماع على ان تظل “المبادرة” مفتوحة لكل العراقيات والعراقيين، افرادا ومنظمات على الساحة الألمانية، خاصة ممن لهم أنشطة مشهودة في المجالات المجتمعية والوطنية والثقافية، وأظهروا حرصهم
ومثابرتهم في دعم الانتفاضة.. وعلى الصعيد الإعلامي والتضامني أكد اللقاء على أهمية إيصال صوت الانتفاضة وأهدافها العادلة إلى الرأي العام الالماني والمجتمع الدولي، حكومات وأحزابا ومنظمات حقوقية وبرلمانات. وتحميلها المسؤولية الاخلاقية لتجاهلها الأحداث التي يعاني منها المجتمع العراقي، أيضا، الصمت المطبق الذي تمارسه حكومات ما يسمى بالدول الديمقراطية تجاه المجتمع العراقي ومعاناته، لكنها تتبجح بالدفاع عن حقوق الانسان!. وتم التأكيد على ضرورة “تشكيل لجنة إعلامية” تسعى لتحقيق هذه الأهداف بالوسائل الإعلامية والتضامنية المتنوعة الأشكال. وأشاد اللقاء بدور المرأة العراقية، سيما الشابات، ولأول مرة بهذا الحجم الذي لم يشهد له العراق مثيلاً، ودعمها للإنتفاضة بمختلف الأشكال والتضحيات، وإستنكر الانتهاكات الفظيعة التي تعرضن لها، كالقتل والخطف والتعذيب وتعرض أسرهن للتهديد والإبتزاز. كما وجه الدعوة لمشاركة الشابات والشباب العراقيين ومد الجسور مع الوافدين الجدد “اللاجئين” على الساحة الألمانية للانخراط في تحمل المسؤولية الوطنية.
وأختتم اللقاء التشاوري أعماله بأنتخاب “لجنة متابعة” من سبعة زميلات وزملاء يمثلون المنظمات والشخصيات الذين شاركوا في هذا اللقاء، ودعا إلى مواصلة اللقاءات التشاورية ودعوة من لم يستطع المشاركة بسبب بعض التعقيدات التقنية المشاركة في اللقاءات القريبة القادمة. وتجدر الإشارة، إلى أن مشاركة الشباب وما طرحوه من إضاءات وأفكار تستمد كينونتها من إعتبارات قيمية غير تقليدية، سهلة التحقيق ومن البساطة والتجديد، لمواجهة ما يحيط واقعنا من تراكمات لم يتم تحويلها إلى واقع عملي. هي ثمرة يسيرة من أهم ثمرات قوة الإرادة والعزيمة التي تميّيز بها الشباب والتي تبعث على التفاؤل والأمل نحو المستقبل.
لجنة المتابعة
ألمانيا ـ في 4 تشرين / أكتوبر 2020