الإتحاد الاشتراكي : رسالة الجُذْوَةُ الوَطَنِيَّة وَ الهِمّة العَالِيَّة ! 

123

بقلم عبد المجيد موميروس

هَكَذَا كَانَ وَ إِنْفَرَطَ عِقْدُ الإنبعاث المغشوش بشبهات الجُرمِ الفاسد. و ها هي ساعة المحاسبة القانونية قد اقتربت، كي تَنقَضي عندها مآسي العشرية السوداء داخل حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، و انجلاء ظلمات لياليها الجارحة. فبُشْرى لكل الأحرار و لنا ، و ها نحن جميعنا سننال المنى ساعة إعلان سقوط تيار الفساد و الإفساد و الإستبداد الحزبي.

و لأن تيار ولاد الشعب شَبَّ – وَ شَابَ- على مكارم أخلاق القادة المؤسسين، مذ انطلقت مسيرته النضالية داخل حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية. حيث نشَأَ على محاسن قُدوات الورع و الزهد السياسي و نظافة الأيادي من انتهاك حرمات المال العام، عملاً و اقتداءًا بنهج سيرة السلف الحزبي المناضل العفيف الصالح . و تزكيةً للذات الحزبية بشيم الوفاء لبنات الفكرة الإتحادية، و الانحياز الراقي لفضيلة ” النقد السياسي الذاتي” منذ مواجهة الأوَّلينَ قَبْلَنَا لغزوات الحماية المُستَعمِرَة ، و مرورا ببمرحلة رفض المؤتمر الاستثنائي أواسط السبعينات من القرن الماضي، لإرهاب و سطوة الأيديولوجيا الرجعية و الظلامية ، و وصولا إلى حاضر تيار ولاد الشعب الذي يسائل الذات الحزبية عن مسايرة الأحياء لزمن دسترة الإختيار الديمقراطي، و ما قد يَلِيهَا.

فَهَكَذَا كُنَّا بالأمس القريب فِتْيَانًا صغارًا ، و كان اتحادُناَ جَمْعًا راشدا مناضِلاً مُسَابِقًا مُسَارِعًا من أجل إحقاق غايات الديمقراطية داخل الدولة و المجتمع. و نحن كتيار ولاد الشعب، جد فَخوُرين بِشرف الانتماء لزهرة المدارس السياسية الوطنية : مدرسة شيخ الإسلام سيدي محمد بن العربي العلوي و السي عبد الرحيم و السي عبد الرحمان قادة الكتلة الوطنية الديمقراطية من أجل تقدم الوطن و تحسين مستوى الوعي و المعيشة لدى المواطنات و المواطنين.

و هَاكُمُ .. اليوم قد أثبت تيار ولاد الشعب أن إختياره العض بالنواجد على منهاج العمل السياسي القانوني الديمقراطي، كان و سيظل اختيارا حُرّا وَ حَيًّا بروح التوافق و المبادرة الدستورية السليمة . بالتالي حتى لوْ تخاذَل ذا البَعْضُ أو بالتقصير غَفلَ و نَسَى، ها نحن نَمُدُّ أيْدينَا لِتشبيك اللَمَّة الوطنية و بجُهد الهمة العالية، من أجل استكمال مسيرة النضال القانوني الديمقراطي و تدشين ربيع الاتحاد التاريخي . نعم و بشدة نون التوكيد من أجل ضمان تجُّددِه السياسي بِنَفَسٍ تَشَارُكِي ذَكِي. إذ أن التَّرَفُّع محمودٌ ، فَكفانا عِبر مآلات المشتبه فيه المدعو ادريس لشكر. و الذي قد سَقَطَ سقوطا حرا، سقطَ مذموما ملوما حسيرا ، لأن الظاهر على قلبه أن الكاتب الأول بالظلم قد انتفَخَ. فَضَاقَت سِعتُهُ عَدَا عَن المبالغة في الأنانية المريضة و الحسابات الوضيعة. ثم استهلك رصيد صلاحية الفكرة الإتحادية في هرطقة الانبعاث بالخروج المرفوض عن الأحكام الدستورية و المقتضيات القانونية .

وَ لأننا داخل تيار ولاد الشعب ، نَخُطُّ – الآن- سيرة النصر بجهد الهمة العالية. و نستفتح الإستعاضة عن زلات سوء الفهم و هفوات القلم و اللسان ، بطي صفحة سياسية قديمة متقادمة. نعم هكذا ، بالتبشير بإشراقة مفعمة بجماليات الثقة و كماليات المروءة، و الآنتقال إلى صفحة أخرى جديدة من صفحات كتاب حزب القوات الشعبية. و لعلها ذي صفحة التفاؤل المسطور بمداد قطرات الوطنية و المواطنة الرقراقة، فها نحن نَخُطَّ حروف الالتزام بتطوير الممارسة الحزبية الوطنية القانونية الديمقراطية و الإصلاحية. وذلك عبر الإنطلاق من واجب الملاءمة الدستورية و القانونية، قصد إطلاق دينامية تحديث التنظيم الداخلي ، و رقمنة المقرات الحزبية.

مع التسطير -أيضا- بخطين مستقيمين تحت هدف إنجاز التحول الديمقراطي المنتظر ، من خلال ابتكار برمجيات سياسية اتحادية حُرَّة و ذكية ، تعتمد على مسايرة سرعة التطور التكنولوجي العالية في التبادل و التأطير ، و صناعة المحتويات الثقافية و الفكرية و السياسية. إذ لا محيد عن تلقيم الثقافة الحزبية بأساليب العمل الديمقراطي التشاركي المتجدد، كَيْ يصير حزب الاتحاد الاشراكي قادرا على تحمل مسؤولية التّثْقِيفِ السياسي النَّافع. و كذلك لتَمْكين المناضلات و المناصلين من ملامسة ملكات جديدة في مؤهلات تدبير الاختلافات بالقانون و الديمقراطية، و كذا من معالجة التناقضات و إفراز التصورات و المشاريع السياسية ذات الارتباط القوي بالإنتظارات الوطنية الكبرى . هاته الإنتظارات التي تتجسد في القيام نحو الصعود الحضاري المنشود من خلال إنجاز الوَثْبَة الحزبية الإِصْلاحِيَّة المطلوبة : أَي إحقاق الإستِعَاضَةُ التِّقْنِيَّة بالقُسْطَاس وَ الإِتْقَان.

نعم .. هُي ذِي ملامح المشروع الجديد لاتحادٍ قانوني ديمقراطي للقوات الشعبية، و الذي نأمل في حَمَلَة رِسالَتِه الجُدد سِعةَ الصدر . و ذلك لإحتضانِ ملحمة الانفتاح الاتحادي الكبير، و كَي نعطي دفعةً قويةً لإقلاعِ الفكر الحزبي المغربي عن مَساوئ الجمود و الانقسام و التّشرذم. مع إعادة الاعتبار لمفهوم المناضل ضد التطرف، أي الانسان الديمقراطي المُنْفَتِح، المُتَمَيز باخْتياراتِه الرَّاشِدَة، و المُنخرط في العمل الحزبي الجاد من أجل توطيد لبنات مجتمع القسطاس و الإتقان .

فَهكَذا -إذن- ، نحن نُريدُ تَحيين و إعادة ملائمة مُتُون الفكرة الاتحادية الأصيلة ، و حزبُنَا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عَلَى أَبْوَابِ خوض غمار المنافسة الصعبة ضمن قِيامَة التَّحَدِّيَّاتِ الإنتخابية القريبة. و في مُقَدِّمتها تقديم الجواب الصادق الخارِق ، الذي يتناسب و صَرَاحَةَ السؤال الحَارِق : إِنَّهَا إنْتِخَابَاتُ 2021 .. و نحن نرفض تزكية الفساد .. فانظروا ما كَسَبَت يَدَا ادريس لشكر ؟!.

فَتَبَّتْ عَقْلِيَّةُ الإفْسادِ ، و بِئْسَ مَا كَسَب المشتبه فيه الأول ادريس لشكر. إِذْ هَا قد هَدَّمَ أركانَ التنافس القانوني الديمقراطي الشريف، و منع وضْع لَبِناتِ وثبة فكرية و سياسية و تنظيمية، تنطلق من إحقاق المصالحة الاتحادية بعَقل المصلحة المشتركة و نبذ هرطقات الثوريت غير القانوني. لكي يلِيهَا المرور التالي نحو فتح ورش ” الانفتاح الكبير ”، هذا الإنفتاح الذي ينطلق وجوبا من فتح قلوب الإتحاد -على مصراعيْهَا- لاحتضان الأمال الشبابية المُنْتَشرة و الأصوات الشعبية المُزدجرة. و إنه لَهُوَ ذات الإنفتاح المُجَدَّد الذي يتطلب تقديم عرض سياسي جديد تنافُسي بشكل ديمقراطي مُقْنِع، عرض يفتح المدى الواسع قصد تأمين و تأطير المشاركة الحزبية التدافعية المثمرة ، بغرض استكمال تجويد البناء الدستوري للدولة المغربية الموحدة الديمقراطية المتقدمة المُزْدَهِرَة.

و لأن المناسبة شرط، فلا بد لي من التنبيه إلى أن ورش الانفتاح الكبير على أفكار و أصوات الشباب المغربي ، يفرض على مجموع الاتحاديات و الاتحاديين إبداعَ برنامج حزبي نيو-واقعي يعبر عن آمال هذه الفئات الاجتماعية العريضة. و التي قد تفاقَمَت مُتَوَالِيات نُكوصِها نتيجة فواجع الأخطاء الكبرى، حيث تسبَّب القصور الذاتي للمنظومة الحزبية ، في حصيلة الفشل الحكومي المريع . فلم – و لن- تفلح تلك المنظومة الخاربة المتهالكة في طرح حلول قمينة بترميم شقوق التصدعات المجتمعية الخطيرة ، و منها إنتشار الفقر و البطالة و غلبة واقع التهميش و الإقصاء. و على إثر خطب الفشل الحكومي عَمَّت حالة من الضبابية ، و حصل الإلتباس الخطير، حتى ظهر واقع الترهل السياسي و الثقافي أمام باطل الهجمات الرقمية الغادرة التي تحاول تفكيك الجبهة الوطنية الداخلية ، و تضرب لحمة التماسك و الثقة الشعبية في جدوى التغيير القانوني الديمقراطي من داخل المؤسسات الدستورية ، و في سياق الإستمرارية.

لذا وَ لِزاما، أَصْبَحَ العقل الاتحادي مُطالبًا بِكَسْر أغْلال الجمود الثقافي و السياسي و التنظيمي المُتَجَمِّد. وذلك عبر المسابَقَة إلى إلإستعاضة عن مغارز الفشل بِاستوثاق عُرَى الأداة الحزبية الإتحادية المتطورة، و اعادة برمجة مهامها و تصحيح خواريزميات اشتغالها ، قصد استكمال رسالة الإتحاد الإشتراكي في الدفاع عن الحقوق الوطنية الثقافية، السياسية ، الاجتماعية و الاقتصادية للمواطنات و المواطنين. و من أجل تأمين مُقومات الحرية ، و تيسير الوصول إلى التعلم الآلي بالتَّأْهِيلِ التكنولوجي المطلوب. و عبر رعاية الحق في الإبداع الذي يسمح بزيادة إنتاج الثروة ، و لا يتراجع عن كرامة توزيعها العادل. الإبداع الذي يفتح أفاق العمل من أجل تقليص الفجوة بين فئات المجتمع، وإصلاح القطاع العام و تفعيل أدواره الاجتماعية، مع طرح البدائل التنموية القادرة على توفير فرص العمل للشباب، ومحاربة الفساد المالي والإداري، وإنجاز الإنماء المتوازن للمناطق والجهات.

فهكذا ، هي ذي منطلقاتنا العقلانية الواقعية. و إذْ يظل من الأَخْيَرِ الوعيُ بحلولها النافعة، قصد استنبات الفكرة الحزبية الجديدة المواكبة لزمن الثورة الصناعية الرابعة و تأثيراتها القادمة المتعددة الأبعاد. نعم ، من أجل استراتيجية حزبية متطورة تساعدنا على الانتقال السلس من بنية تنظيمية أنهكَهَا الصراع الداخلي المدمِّرُو العقيم ، إلى بنية مؤسساتية منفتحة تشكل فضاء خصبا للتفكير و المعرفة و الإبداع . نعم ، بنية اتحادية بثقافة رقمية مرنة ، بنية مسايرة للتحولات المتعددة الأبعاد التي يعرفها المجتمع المغربي. بنية مُستقطِبة تحسن الإصغاء لنبض هذا المجتمع بشكل يترجم همومه وانشغالاته إلى مشاريع سياسية و حلول إجرائية واضحة المعالم والأفق، إلى أفكار و برامج قابلة للتطبيق.

هذا هو حلمنا الإتحادي الذي لا ينتهي ، حلم يرفع آمال المرحلة الجديدة بعيدا عن أحقاد الصراعات الفارغة . هذا هو مشروع اتحادنا يتعايش مع زمن المرحلة الجديدة دون تضييع للوقت و الطاقات و المال.
ثم .. هكذا عند جذوة الوطنية، و بشحذ الهمة العالية سنكسب تحديات مشروع التجدد و الانفتاح نحو توطيد الثقة و التعاون الوطني ، تحديات فرص التعلم الآلي قصد إحقاق الصعود الحضاري المنشود ، تحديات التأهيل المجتمعي المطلوب بتيسير ثقافة احترام الدستور و سيادة القانون و سلامة الإختيار الديمقراطي.

# عاش الوطن

عبد المجيد موميروس
رئيس تيار ولاد الشعب بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

المصدر