أرقام قياسية

652

ا.د.عامر حسن فياض

سجل العراق رقما قياسيا في (تقدم) المشروع المعلن لبناء الدولة العراقية المدنية الحديثة مصحوبا بـ(تخلف) الأدوات البشرية المستخدمة في البناء ، بمعنى أن مشروع الدولة هذا يؤشر هيكلا سياسيا دستوريا متمدنا ( ديموقراطيا فيدراليا ) بحشوة غير متمدنة( طائفية– دينية- تعصبية قومية- اجتماعية مناطقية عشائرية) كما سجّل العراق رقما قياسيا في التعددية التنابذية غير المنسجمة على حساب التعددية الهارمونية المنسجمة، الامر الذي جعل الشأن العراقي شأن مجتمع انفعالات لا تفاعلات مجتمع خلاف اقتتالي لا مجتمع اختلاف سلمي، مجتمع انفلات من القيود لا مجتمع تحرر من القيود!! إنَّ العراق بعد العام 2003 سجل رقما قياسيا في شيطنة الدولة في اطار نظام سياسي لم يدرك بعد، أن الخطر ليس في الدولة، بل ان الخطر على الدولة التي كثر من يعمل على شيطنتها من قوى تحت الجلد العراقي واطراف خارج الجلد وهي قوى وأطراف بعضها تريد اقامة ديموقراطية بلا دولة وطنية مستقلة واخرى تريد اقامة ديموقراطية بلا ديموقراطيين واخرى تريد عراق وحدة هابطة للاتحاد واخرى تريد عراق اتحاد صاعد للوحدة واخرى تريد عراق تنصيب اشخاص لا عراق مأسسة مناصب، واخرى تريد عراق احياء يحكمه أموات لا عراق احياء لمستقبل اناس احياء، واخرى تريد عراق تعشعش في عقول حكامه ثقافة الاستطالة بلا استقالة من المناصب، واخرى تريد عراقا يعيش الماضي ويراوح في الحاضر ويكره المستقبل، واخرى تريد عراقا ينظر اليه من ثقوب تنوعاته الجهوية الضيقة( المذهبية والعرقية والمناطقية ) لا عراق ينظر الى تنوعاته من باب الوطنية العراقية الواسعة! إن العراق الغني بالحضارة يسجل الرقم القياسي بالقطيعة مع حضارته، كما ان العراق الغني بثروته الاقتصادية يسجل الرقم القياسي في عقم الانتاج، كما يسجل الرقم القياسي في خصوبة الاستهلاك! كما انه سجل الرقم القياسي في التوظيف الحكومي بالعقود والوكالة، والاخطر في كل ذلك ان العراق أخذ يسجل أرقاما قياسية خيالية في الهدم، والعجيب انه عندما يفكر بالاصلاح والتجديد والبناء، يبدأ بالهدم وبعد الهدم لا يصلح ولا يجدد ولا يبني!. هذا غيض من فيض الارقام القياسية المعاشة كتبناها والمخفي الاتي ربما اعظم، من دون أن تفوتنا الارقام القياسية المسجلة عن الفساد والفقر والمرض والبطالة والمحاصصة ودون أن نهمل أو ننسى الأرقام، التي كتب عنها علي الوردي ودونها شعرا عبود الكرخي وانشدها غناء عزيز علي.المصدر