هل هيبة الدولة تبعثرت في رياح الحنانة!؟

140

هل هيبة الدولة تبعثرت في رياح الحنانة!؟

محمد وذاح

تفاجئ الكثير من العراقيين، قبل ليلتين، بإستعراض عسكري مهول بسياراتٍ مدنية، نفذته سرايا السلام، التابعة للتيار الصدري، وسط شوارع وأزقة العاصمة بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف، جنوب العراق، بدواعي افشال مخطط إرهابي للهجوم على المزارات والأماكن الدينية، وذلك بعد تغريدة لما يعرف بـ”وزير الصدر” صالح محمد العراقي، اعلن فيها حالة النفير العام، لإحباط “مُخطط “داعشي- بعثي يستهدف “المقدسات”.

“تعزيز هيبة الدولة”

وعلى الرغم من أن استعراض “سرايا السلام” قوبل باستغراب وانتقادات كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي ومن قبل بعض الجهات السياسية، إلّا أن زعيم التيار الصدري، السيد مقتدى الصدر، خلال مؤتمر صحفي أقامه أمس الأربعاء- صبيحة اليوم التالي من استعراض السرايا- في باحة منزله، برّر فيه أنتشار قواته في شوارع بأنه كان “بالتنسيق مع القوات الأمنية”.

وقال الصدر في المؤتمر الصحفي: “لو شككت طرفة عين أن ما قامت به سرايا السلام ضد هيبة الدولة؛ لما سمحت به. بل هو لأجل تعزيز هيبة الدولة المفقودة، علما أن خروجهم كان بالتنسيق مع القوات الأمنية”، مشيراً إلى أن “القوات الأمنية في حالة انهيار وفي خطر محدق، ولن أتحمل الوقوف على التل والسكوت أمام الانتهاكات ضد إخوتي في الجيش والشرطة وباقي القوات الأمنية”.

ولفت إلى أن “الكاظمي تعهد بإرجاع هيبة الدولة، وعليه الالتزام بذلك”، ناصحاً “الجميع” بـ”تهيئة الأجواء الديمقراطية لأجل إنجاح الانتخابات المبكرة، وليكن تنافسنا من خلال الحوار والطرق السلمية وترك العنف”.

“فرض القانون”

ويرى الكثير من المراقبين، أن استعراض العسكري لسرايا السلام في بغداد ومدن الجنوب، إعاد بالعراقيين الى الوراء، أيام الاقتتال الطائفي خلال عامي (2006 و2007) حين كانت القوات الأمنية ضعيفة وتقوم بدور المُتفرج للصولات الانتقامية والمواجهات العسكرية التي شهدتها آنذاك المدن والمناطق والمحلات العراقية بعد تفجير الإمام العسكريين في مدينة سامراء، من قبل التنظيمات الارهابية.

وأثر ذلك، رد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بتغريدة على موقع «تويتر» بدت ذات مغزى عقب هذا الاستعراض العسكري لسرايا السلام، حيث قال إن “البناء لا يتم بالتجاوز على الرموز والمقدسات الدينية والوطنية وضرب المؤسسات وقطع الطرق، بل بدعم الدولة”، مشددا على “عدم التهاون مع المتجاوزين”. لكن الكاظمي لم يعلن طبيعة ما لديه من خطط لمواجهة ما عده «تجاوزا».

استعراض سرايا السلام وعلى الرغم من تبريره من قبل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بأنه جاء بالتنسيق مع القوات الأمنية، إلّا أنه أحرج رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، أمام القوى السياسية التي كانت من أولويات شروطها على الكاظمي مقابل إدارته للبلاد هو؛ إعادة هيبة الدولة ولا بديل عن القوات الأمنية الرسمية لفرض القانون في البلاد.

فتحالف الفتح، احد أركان وصول الكاظمي الى سدَّةِ الرِّئاسة، أكد في الكثير من الممرات عبر متحدثه الرسمي، النائب أحمد الأسدي، أن هنالك مهمتان رئيسيتان أمام الكاظمي؛ أهمها إعادة وفرض هيّبة الدولة وفرض القانون والذي سيؤدي الى تنفيذ الالتزام الاساسي على الحكومة وهو أجراء الانتخابات على أن تكون “آمنة” و”نزيهة”!!

“رسائل الاستعراض”

ويرى مراقبون للشأن العراقي، أن الحركة التي قام بها زعيم التيار الصدري، بإطلاق العنان لسرايا السلام باستعراضها عسكرياً في المناطق المدنية، يمثل اظهار لمنطق القوة وامتلاك الشارع عبر السلاح، كما أنه يتعارض مع شعار الإصلاح الذي يرفعه الصدر ويناقض أدبياته؛ لأن الصدر وهو صاحب دعوة “حصر السلاح” فكيف يسمح بسلاح خارج اطار الدولة!؟

بالمقابل، تماهى مراقبون آخرون مع مبررات السيد الصدر، بأن كل الاحتمالات واردة في حركة سرايا السلام الاخيرة وقد تكون جميع التكهنات صحيحة حول هذه الحركة، بحماية العاصمة بغداد والمحافظات المقدسة من التهديدات المحتملة، ودليلهم على ذلك، أن القوات التي قدرت أعدادها بالاف المقاتلين انسحبت خلال أقل من ساعتين من انتشارها، فأيُ تهديد يبدأ وينتهي بساعتين!؟

المصدر