منظمات ومؤسسات عالمية واوربية تشجب وتحذر من الارهاب وما بات الإرهاب يعشش في أوروبا

136

جاسر صالح المفتي
في السبعينيات، كانت أوروبا ساحة لشتى فئات الإرهاب، والمغزى إلى نوعين من الجماعات المسلحة: الحركات القومية، والإرهابيين اليساريين، الذين سعوا لفرض الثورة الشيوعية بالقوة. ثم تطور الأمر ليشمل الحركات الجهاد الأصولية، لتصبح أوروبا مرتعًا لكل أنواع الإرهاب المسلح والفكري، غير أن الخطر الأشد حاليا يتمثل في الأصولية الإسلامية، ونلقي الضوء في هذا التقرير على أبرز الخلايا الإرهابية في أوروبا.

1- أشهر الخلايا

– أنصار الإسلام: تنظيم إرهابي له عدة أنشطة في بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وثيق الصلة بتنظيم داعش، وتعود نشأته إلى النرويج، ومن أهم عملياتها “شارل أبدو”.

– تنظيم «فرسان العزة»: تأسس أغسطس 2010، على يد فرنسي من أصل مغربي، يدعى محمد الشاملان، وعدد من النشاء الإسلاميين الشباب، وثبت ضلوع التنظيم في عدة عمليات إرهابية.

– جماعة «الشريعة من أجل بلجيكا»: أسسها متشددون من مسلمي بلجيكا في 2010، وتعد من أبرز الخلايا النشطة في بلجيكا، التى تجند الجهاديين للانضمام إلى صفوف داعش.

– جماعة المهاجرين: أسسها عمر بكرى في بريطانيا، وتقرر حظرها عام 2010.

– خلية الفرسان الثلاثة: مجموعة من المتطرفين، أطلقوا على أنفسهم الفرسان، وتستهدف بريطانيا لشن هجماتها.

– الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة: مقرها مانستشر، وتنتمى فكريا لتنظيم القاعدة، وتضم الإرهابيين عبد الحكيم بلحاج، وخالد الشريف.

– الشريعة من أجل بريطانيا: يبلغ عدد أعضائها حوالي 3 آلاف عضو، المعظم منضم حديثا.

– الشريعة من أجل السويد: يضم نحو 100 مقاتل يزعمون انتماءهم لداعش.

2- طرق وآليات الإرهاب

توجد ثلاث طرق يتفاعل بها الإرهاب مع المجتمعات الأوروبية، ويولد من خلالها أشكال التطرف، وهى كالتالي:

– النموذج الأول عبر اختطاف مواطنين أوروبيين، يقيمون في دول يسيطر وينتشر بها مجموعات جهادية، مثل ما يحدث في الساحل والصحراء، والعراق والشام، وتطالب الجماعات الإرهابية على فدية مقابل الإفراج عن الرهائن.

– النموذج الثاني، يقوم على تجنيد الأوروبيين من أصول عربية، للانضمام في الخلايا الإرهابية، والانتقال لأماكن النزاع في الشرق الأوسط وغيرها.

النموذج الثالث: تجنيد أوروبيين حديثي الدخول في الإسلام، للقيام بعمليات ضد بلادهم.

3 أساليب الحصول على تمويل

تتعدد وسائل تمويل الجماعات الإرهابية بداخل أوروبا، سواء بطرق قانونية، أو غير مشروعة، ومنها ما يلى: – مشاريع استثمارية، سواء فعلية أو وهمية، في شكل مصارف مالية أو مؤسسات – مؤسسات خيرية تتلقي الدعم من الحكومات والشركات – تبرعات الأفراد، ونقلها بشكل شخصى أو إلكتروني – بيع وشراء الأسلحة في الأسواق السوداء -تهريب النفط والآثار – الفدى من عمليات خطف السياح – تمويل بعض الدول للجماعات المتطرفة – ارتباط الكيانات الإرهابية بشبكات الهجرة غير الشرعية.

4- أبرز المراكز الإسلامية الممولة

ثمة كيانات أشارت لها التقارير الأمنية الأوروبية، ولجان مكافحة الإرهاب، بتلقيها أموالًا، بلغت 125 مليون يورو، وتقع تحت إدارة جماعة الإخوان المسلمين، وهى:

– مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية.

– اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا.

– اتحاد الروابط الإسلامية بإيطاليا.

5- الدولة الداعمة

تتحدث تقارير غربية عن الدول التي تدعم الإرهاب، إما بطريق مباشر، أو عبر مؤسسات تغذى الفكر المتطرف، وخلصت التقارير إلى أن دولا عربية خليجية هي الداعم الرئيسي، وهى بحسب التقارير كالآتي:

السعودية: تواجه السعودية تهما من منظمات وبرلمانيين غربيين، يلقون عليها مسئولية تمويل مساجد ومنظمات سلفية، منها ما هو في بريطانيا، وبحسب تصريح لجمعية هنري جاكسون في لندن إن “منظمات إسلامية متطرفة في بريطانيا لديها صلة واضحة ومتنامية بالرياض وخزاناتها الغنية بالنفط”.

وحسب تقرير لصحيفة “الإندبندنت” البريطانية، تتهم فيها رئيسة الوزراء، تريزا ماى، بدفن تقرير حول تمويل السعودية للإرهاب في المملكة المتحدة، خشية من أن “تضر بالعلاقات مع حليفها السعودي، ونفس الحال في ألمانيا، والتي واجهت نفس التهم، ورفضت الحكومة الألمانية الاعتراف بالتقارير الألمانية، رغم اتهام وزير الخارجية زيجمار جابريل السعودية صراحة بذلك.

قطر: هى أكثر الدول اتهامًا، وترد تقارير بدعمها للكيانات الإرهابية والمؤسسات المتطرفة، في معظم انحاء أوروبا، وحسب تقارير صادرة من المخابرات الألمانية، ويحدد التقرير ثلاث مؤسسات تلقت التمويل، وهى “رابطة العالم الإسلامي”، التي حصلت على دعم مادي مباشرة من الحكومة السعودية، و”المؤسسة الخيرية للشيخ عيد بن محمد آل ثاني (قطر)”، وكذلك “هيئة إحياء التراث الإسلامي”، التي تتلقى الدعم الكويتي.

6- التحرك الأوروبي:

تحت مظلة الاتحاد الأوروبي، في منتصف فبراير 2015، تم إقرار خطة أمنية، تضمنت عدة آليات منها:

– دعم التعاون المخابراتي بين الدول الأوروبية.

– تبادل المعلومات مع دول الشرق الأوسط حول المقاتلين الأجانب.

– تدعيم مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.

– تعديل بعض قواعد اتفاقية شنجن.

ومن جانب آخر عملي، دشنت أوروبا عدة مسارات للحرب على الإرهاب، منها الضربات الموجهة ضمن التحالف الدولي ضد داعش 2015، ودعم عمليات فرنسا في غرب إفريقيا

ورغم ذلك خلال الثلاث سنوات الماضية، شهدت أوروبا العديد من العمليات الإرهابية، في مختلف العواصم، في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول، مما يعنى فشل أوروبا حتى الآن في مواجهة الإرهاب.

يمكن استغلال أي جريمة تعود بالأرباح لتمويل الإرهاب، وهذا يعني أن البلدان قد تواجه مخاطر تمويل الجماعات الإرهابية وإن كان خطر وقوع اعتداء إرهابي فيها ضئيلاً.

ومن مصادر تمويل الجماعات الإرهابية نذكر مثلاً لا حصراً الأفعال الاحتيالية الصغيرة والاختطاف طلباً للفدية واستغلال المنظمات غير الربحية والاتجار غير المشروع بالسلع (كالنفط والفحم والماس والذهب وأقراص “الكابتاغون” المخدّرة) والعملات الرقمية.

ومن خلال تقويض حركة أموال الجماعات الإرهابية وتكوين فهم عن تمويل اعتداءات سابقة، نستطيع أن نساعد في منع وقوع اعتداءات أخرى في المستقبل.

التعاون الاستراتيجي

تربطنا علاقات بعدد من الهيئات وذلك سعياً منا للمساعدة في تعزيز السياسة العامة والتعاون على المستوى الرفيع للتصدي لتمويل الجماعات الإرهابية. ومن هذه الهيئات:

فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي هيئة حكومية دولية تضع المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛

الهيئات الإقليمية على شاكلة فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، التي تعمّم أفضل الممارسات، كل هيئة في إقليمها؛

مجموعة إيغمونت، وهي شبكة تضم 159 من وحدات الاستخبارات المالية من جميع أنحاء العالم.

الدعم في مجال التحقيقات

على الصعيد العملي، نسعى إلى تشجيع وحدات الاستخبارات المالية إلى تمتين التعاون بينها وبين أجهزة الشرطة في البلدان الأعضاء في منظمتنا، وذلك تعزيزاً لتبادل بيانات الاستخبار والتحليلات ذات الصلة.

وفي صلب جهودنا في هذا المجال توسيع العمل بالمنظومة العالمية للاتصالات الشرطية المأمونة I-24/7 لإشراك وحدات الاستخبارات المالية في جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك، نقود في الإنتربول الجهود المبذولة لإدراج المعلومات المالية بانتظام في تنبيهات الإنتربول المتصلة بالإرهابيين الذين يتسمون بأهمية خاصة.

ونقدم كذلك المشورة لبلداننا الأعضاء في قضايا محددة، فنربط بين المحققين عبر الحدود والقارات ونضمن استخدام كامل قدرات الإنتربول متى دعت الحاجة.

يبيّن المثال أدناه كيف يمكن لشبكتنا العالمية من البلدان والتنبيهات التي نطلقها وأشكال الدعم المتخصص الذي نقدمه أن تؤدي جميعها إلى نتائج سريعة وملموسة في التحقيقات.

طلب أحد بلداننا الأعضاء في أوروبا المساعدة في تحقيق جارٍ بشأن تمويل جماعة إرهابية حيث كان المشتبه فيه قد موّل سفر أفراد إحدى الأُسر وأفراد آخرين إلى مناطق الصراع عبر تحويل مبلغ ناهزت قيمته 18 ألف يورو.

وقدم موظفونا المتخصصون المشورة من أجل تبسيط التحقيق وتنسيق الاتصال مع أربع دول أعضاء أخرى من أفريقيا والأمريكيتين والشرق الأوسط، وهي المنطقة التي جرى تحويل الأموال إليها.

وبطلب من البلد الذي أجرى التحقيق، أصدر الإنتربول نشرة حمراء بشأن المشتبه به، وقد تم اعتقاله لاحقاً في بلد عضو لم يكن في السابق متصلاً بمنظومتنا، ليُصار بعدها إلى تسليمه بغية محاكمته.

*تعتبر العملية الإرهابية التي شهدتها العاصمة النمساوية فيينا عملية نوعية بسبب استخدام منفذ العملية السلاح الناري

* يبدو أن جماعات الإسلام السياسي، تحديداً جماعة الإخوان والتنظيمات المتطرفة الأخرى، اتخذت من فرنسا ملاذاً آمناً

*أثارت العمليات التي وقعت في فرنسا، خلال شهر أكتوبر الماضي، ومنها في مدينة نيس، مخاوف كثيرة من تكرارها في أوروبا

* استغل إردوغان خطاب ماكرون الأخير، ولعب على بعض التوصيفات والعبارات، ليقوم بتصريحات تحشيد داخلي وخارجي ضد فرنسا

بون: تشهد أوروبا اليوم تحديًا أمنيًا كبيرًا في محاربة التطرف والإرهاب، تأتي هذه التحديات أكثر في أعقاب شن السلطات الفرنسية حملة واسعة، ضد المراكز والجمعيات والمساجد، التي ينشط خلفها الجماعات المتطرفة وجماعات الإسلام السياسي، الإخوان.

شهدت فرنسا إلى جانب عواصم أوروبية، تزايد عدد «المنظمات الإسلامية»، والمراكز الثقافية ومدارس تعليم اللغة العربية بشكل كبير، ويبدو أن جماعات الإسلام السياسي، تحديدا جماعة الإخوان والتنظيمات المتطرفة الأخرى، اتخذت من فرنسا ملاذا آمنًا.

المشهد الحالي، هو سيطرة الجماعات المتطرفة، الإسلام السياسي، بغطاء الدين، تحديدا جماعة الإخوان على أغلب هذه الجمعيات والمساجد، وكانت متورطة في التحريض على الإرهاب والتطرف. لقد أدركت فرنسا الآن ولو بشكل متأخر حجم الخطر الذي يمثله الإسلام السياسي داخل فرنسا ودول أوروبا، بعد أن وصفها الرئيس الفرنسي بـ«الانعزالية»والمقصود بذلك وجود «محميات» منعزلة اجتماعيا وثقافيا عن فرنسا، وهي تعيش في الداخل الفرنسي.

أثارت العمليات التي وقعت في فرنسا، خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومنها في مدينة نيس، مخاوف كثيرة من تكرارها في أوروبا. حذر خبراء من أن العمليات التي جرت هي ضمن نطاق عمليات «الذئاب المنفردة»، التي تقوم على تنفيذ جرائم إرهابية بشكل منفرد دون التخطيط مع قادة ضمن مجموعة.

وقع إطلاق نار مساء، يوم الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني)2020 في العاصمة النمساوية فيينا، أولها في محيط معبد يهودي بقلب المدينة، وكانت حصيلة الهجوم الإرهابي سقوط عدد من الجرحى ومقتل 4 أشخاص، إضافة إلى منفذ العملية، العملية الإرهابية استهدفت ستة مواقع قريبة من بعضها في وسط العاصمة النمساوية فيينا، نفذه «إرهابي إسلاموي واحد على الأقل من المتعاطفين مع تنظيم داعش».

تعتبر العملية الإرهابية التي شهدتها العاصمة النمساوية فيينا عملية نوعية بسبب استخدام منفذ العملية السلاح الناري، بعد ان تعودنا على نمط عمليات الجماعات الإسلاموية المتطرفة، بالطعن بالسكين، وأحيانا استخدام الدهس بالعجلات، والآن استخدام السلاح الناري.

بعد مرور حوالي أسبوعين على حادث قطع رأس أستاذ التاريخ والجغرافيا، صامويل باتي، في العاصمة الفرنسية باريس، على يد شاب من أصل شيشاني، شهدت مدينة نيس، جنوبي فرنسا، يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، حادثا إرهابيا جديدا داخل كنيسة، قتل فيه ثلاثة أشخاص نحرا، فيما أصيب آخرون بجروح. وكانت الشرطة الفرنسية ذكرت أن مهاجما قتل ثلاثة أشخاص، من بينهم امرأة قطع رأسها، في كنيسة بمدينة نيس، في واقعة وصفها رئيس بلدية هذه المدينة بالعمل الإرهابي. وأشار إلى أن الشرطة ألقت القبض على المهاجم الذي تم نقله للمستشفى بسبب إصابته.

الهجوم الذي وقع في كنيسة بمدينة نيس الفرنسية، وأدى إلى وقوع 3 ضحايا، جاء بعد أقل من أسبوعين من مقتل المعلم الفرنسي، صامويل باتي، الذي عرض أمام تلاميذه كاريكاتيرا مسيئا للنبي محمد، كانت قد نشرته سابقا صحيفة «شارلي إبدو».

وفي أعقاب ذلك، وصف رئيس البلاد إيمانويل ماكرون الهجوم بـ«الهجوم الإرهابي الإسلامي»، مضيفا أنه «إذا تعرضنا لهجوم فهذا بسبب قيمنا الخاصة بالحرية ورغبتنا في عدم الرضوخ للإرهاب». وفي رد مباشر على هذه الأحداث، دعا رئيس البرلمان الأوروبي، ديفيد ساسولي، في تغريدة للأوروبيين، إلى «الاتحاد ضد العنف وضد الذين يسعون إلى التحريض ونشر الكراهية».

فرنسا في حالة حرب ضد الإرهاب

أكد وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، أن فرنسا «في حالة حرب ضد الإرهاب»، وأنها «تقاتل أعداء الداخل والخارج»، مؤكداً أن سلطات البلاد بصدد «شن حرب على أعداء الجمهورية»، بسبب توترات الأعمال الإرهابية الآتية حتماً، إذن «المسألة ليست معرفة هل سيكون هناك اعتداء، بل متى سيقع». وبالنظر لما عرفته فرنسا في الأسابيع الماضية، حيث حصلت ثلاثة أعمال إرهابية «في باريس وكونفلان سانت هونورين ونيس، فضلاً عن محاولة قتل الكاهن اليوناني الأرثوذكسي في مدينة ليون، فمن المرجح جداً أن يكون دارمانان مصيباً في توقعاته، رغم القوانين والتشريعات والإجراءات التي اتخذت منذ عام 2015 مع مقتلة صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة التي نشرت رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للنبي.

دخول إردوعان على خط الأزمة: استغل إردوغان خطاب ماكرون الأخير، ولعب على بعض التوصيفات والعبارات، ليقوم بتصريحات تحشيد داخلي وخارجي ضد فرنسا، وليس مستبعدًا أن شبكات عمل إردوغان داخل فرنسا وخارجها، دفعت منفذ العملية وغيرها بالتحريض على الإرهاب.

قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أثناء عرضه، في 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، مشروع قانون حول «الانعزالية»يهدف خصوصاً إلى «هيكلة الإسلام»في فرنسا، إنّه يجب على المجلس الفرنسي للديانة الإسلاميّة، المحاور الرئيسي للسلطات، أن يؤسّس، خلال ستّة أشهر، مسار «تأهيل تدريب الأئمّة»،وتنظيم «شهادات»اعتماد لهم، ووضع «ميثاق يؤدّي عدم احترامه إلى العزل». وسيُتيح تدريب الأئمّة تحقيق هدف آخَر بالنسبة إلى الحكومة الفرنسيّة، يتمثّل في إنهاء التعاون مع 300 إمام من تركيا والمغرب والجزائر.

إجراءات سريعة تتخذها الحكومة الفرنسية

حظر جمعيىة بركة سيتي:«بركةسيتي»هي واحدة من المؤسسات الدينية التي حظرتها فرنسا، يوم 04 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، في إطار محاربتها للتنظيمات المتشددة في البلاد، وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان قال في وقت سابق، في تغريدة على «تويتر» إن مجلس الوزراء حلّ جمعية «بركة سيتي»التي تتهمها الحكومة بأن لها «علاقات داخل التيار المتطرف»،وبـ«تبرير الأعمال الإرهابي»وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

الحكومة الفرنسية أعلنت أنها تعمل على طرد 231 شخصًا من المصنفين خطرين على الأمن العام، ولديهم ملفات «S»بتهم الإرهاب، وهو ما أكدته إذاعة «أوروبا-1»ووسائل إعلام أخرى. وعلى قائمة أصحاب المفات «S»يوجد حاليا 180 شخصا في السجن، و51 شخصا حرا، لكن السلطات ستعتقلهم قريبا كما قال مصدر في الشرطة. كما طلب وزير الداخلية من الهيئات المختصة أن تمعن النظر بحرص أكبر في طلبات اللجوء المقدمة لفرنسا.

إيقاف تمويل المساجد

يعتبر ملف التمويل الأجنبى للجمعيات والمساجد معضلة لأجهزة الأمن الفرنسية، فرغم تكوين «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية»،فإن المشكلات المرتبطة بالتمويل والدعم الخارجى للمراكز الدينية لم تحل ويمكن حصرها في ثلاثة محاور رئيسية :

ـ تمويل إعداد الأئمّة في فرنسا لوقف التعامل مع أئمة يأتون من الخارج ويحملون معهم طروحات وتفسيرات منافية لنمط العيش في المجتمع الفرنسي.

ـ تمويل تشييد المساجد للحدّ أيضاً من الاعتماد على المال الخارجي وما يعنيه من امتداد لنفوذ الطرف المموّل إلى الداخل الفرنسي

ـ العمل على إيجاد هيئة تمثيلية تعكس تعددية المسلمين في فرنسا ولا تقتصر على تمثيل المسلمين المنتمين إلى جمعيات دينية أو مساجد، كما هو الحال مع المجلس الحالي.

كشفت صحيفة «لوبينيون»في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 أن تعديل قانون 1905، الذي سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن اقترحه خلال شهر أبريل (نيسان) 2018، والمتعلق بالفصل بين الكنيسة والدولة في فرنسا، وتحديثه بما يتوافق مع الفترة الحالية، دخل مراحله الأخيرة، ولم تخف المنظمات الإسلامية تخوفها من هذا التعديل.

تعاني فرنسا إلى جانب دول أوروبا، من نقص في برامج محاربة التطرف مجتمعيا، برامج الوقاية من التطرف أو منع النزوح إلى التطرف، وبرامج نزع «التطرف العنيف»الذي يشمل الجماعات التي حصلت على الخبرات القتالية، إلى جانب داعش في سوريا والعراق ودول أخرى.

ليس مستبعدًا أن شبكات عمل إردوغان داخل فرنسا وخارجها، دفعت منفذ العملية وغيرها إلى التحريض على الإرهاب (غيتي)

استغلال الدين كأداة لاستقطاب الشباب

حذرت أجهزة الاستخبارات الأوروبية من أن تهديد الهجمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي لا يزال مرتفعا جدا، كما ظهر في الهجمات التي وقعت في2015 وأن الجماعات الإسلاموية «الجهادية»المتطرفة لا تزال تشكل تهديدا كبيراً، وتسعى إلى تنفيذ عمليات هجمات إرهابية في أوروبا.

وكشفت الحكومات الأوروبية استغلال الدين كأداة لاستقطاب الشباب وتجنيدهم، واستخدامه كوسيلة سياسية لفرض تفسير النصوص الدينية بما يخدم مصالحها، وشددت على الحاجة الملحة لمواجهة الفكر المتطرف باعتباره الأساس الذي تبرز به هذه الجماعات أعمالها، يمثل المتطرفون العائدون من مناطق القتال في سوريا والعراق تهديدا أمنيا للدول الأوروبية.

وقد باتت الجماعات المتطرفة الإسلاموية، تراهن على تنفيذ عمليات إرهابية خاصة في دول أوروبا، بعد خسارة تنظيم داعش معاقله في سوريا والعراق خلال عام 2017 وعام 2018. التحقيقات كشفت أن التنظيم طلب من أنصاره عدم الالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق، من أجل بقائهم في دول أوروبا والغرب لتنفيذ عمليات إرهابية.

بات المتطرفون الذين يتطرفون بأنفسهم على شبكة الإنترنت من خلال الدعاية والمحتوى المتطرف، خطراً أكبر على دول التكتل الأوروبي. بالرغم من الجهود التي بذلتها دول الاتحاد الأوروبي في مكافحة محاربة التطرف على الإنترنت. وكانت المفوضية قد تقدمت باقتراح يقضي بضرورة حذف أي محتوى إرهابي أو محرض على العنف خلال ساعة واحدة بعد ظهوره على شبكة الإنترنت.

كشفت إحدى الدراسات الألمانية، إلى أن المسلمين الشباب الذين ينضمون إلى المجموعات الإسلاموية المتطرفة المستعدة لممارسة العنف لا يفهمون في الدين الإسلامي، واعتمد الباحثون من جامعتي أوسنابروك وبيلفيلد، وكلتاهما في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، على البيانات المستمدة من التطبيقات التي يستخدمها المسلمون الشباب في ألمانيا في اتصالاتهم مع المجاميع الإسلامية المتطرفة، وظهر من تحليل هذه البيانات أن المنجذبين للدعاية المتطرفة ليسوا من مرتادي المساجد المنتظمين ولا من العارفين بشؤون الدين الإسلامي، بل إن فرائض الدين الإسلامي غير معروفة بالنسبة للكثير من هؤلاء الشباب.

وتشير دراسات ميدانية قام بها باحثون في السوسيولوجيا بجامعة أمستردام الهولندية فى يناير (كانون الثاني) 2015 إلى أن الجماعات الإسلاموية المتطرفة في هولندا تقوم بحسابات دقيقة في تحديد طبيعة تحركاتها واستغلال كافة الوسائل لتجنيد واستقطاب الشباب، وأن تلك المنظمات المتطرفة لم تفتح المجال أمام الجاليات المسلمة للتعرف على حقيقة الشريعة الإسلامية المنفتحة، ولكنها احتكرت الحديث باسم الدين لتصور الإسلام كما تريده وتقدمه للشباب المغترب، فيعتقد أن أصوله الدينية هي تلك الصور التي يستهلكها، وفي حقيقة الأمر، فإن المسألة مختلفة تماما.

وذكر ميشال كيفر، من معهد الدراسات الإسلامية في جامعة اوسنابروك، أن هؤلاء الشباب يكوّنون «إسلاماً خاصاً»بهم يستمدون تعاليمه من الإنترنت، وأن تصورهم عن الإسلام لا يجمعه جامع مع الإسلام الحقيقي.

وترى شروتر، الخبيرة الألمانية، أن الدين أصبح «يشكل معيارا للهوية عند الشباب في وقتنا الحاضر ودفع بالهوية العرقية إلى التراجع أمامه»، وأضافت شروتر أن الشروط والقوانين الدينية أصبحت أكثر تشددا، ولذلك ينشغل الكثير من الشباب المسلم في ألمانيا بالتفكير يوميا قبل أداء عمل ما والتساؤل عما إذا كان عمل هذا الشيء حلالا أم حراما،التصدي للارهاب محليا.

ومع تزايد الهجمات الإرهابية في الغرب، تحاول دول أوروبا، مجتمعة أو على مستوى وطني، باتخاذ خطوات جادة للتصدي لهذه الهجمات، ومواجهة التطرف. تشكل الجماعات الاسلاموية «الجهادية»خطرا على أمن ومجتمعات أوروبا، فقد أصبحت هذه الجماعات تستخدم أساليب جديدة وتقنيات معاصرة في نشر أفكارها.

التهديد بوقوع هجمات في عام 2020 لا يزال قائما، وذلك بحسب تقرير جديد لشركة «غلوبال ريسك إنتل»الاستخباراتية، حسب ما نشره موقع «الحرة واشنطن»في 25 فبراير (شباط) 2020. وقال التقرير إنه من غير المرجح أن يضمحل الإرهاب بشكل تام في المستقبل القريب، حيث لا تزال الظروف، التي تجعل مناطق معينة مواتية للإرهاب، قائمة ومهددة للاستقرار.وقد جدد المجلس الأوروبي في تقرير نشره موقع المجلس في 13 يناير (كانون الثاني) 2020، ما يسمى بقائمة الاتحاد الأوروبي للجماعات الإرهابية، التي تحدد الأشخاص والجماعات والكيانات الخاضعة لتدابير تقييدية بهدف مكافحة الإرهاب.

من أجل الحد من مخاطر الإرهاب الإسلاموي «الجهادي»في أوروبا، فإن الحكومات الأوروبية ملزمة بشكل كبير وسريع بتعزيز القواعد والقوانين الصارمة من أجل منع انتشار وتوسع الأشكال الجديدة للإرهاب. كما أن الحكومات الأوروبية ملزمة بتعزيز وتكثيف عمليات المراقبة والتفتيش على الحدود الخارجية بشكل خاص.

إن وجود إرهاب غير مركزي، جاء بسبب التشظي وثقافة الإرهاب التي اكتسبتها وسائل التواصل الاجتماعي والدعاية «الجهادية»، بواسطة الإنترنت، وهو بات الأخطر، وتحول إلى تحدٍ كبير أمام الاستخبارات، والتي اعترفت بأن مثل هذه الأعمال لا يمكن إيقافها أبدا.

إن استراتيجية تنظيم داعش والجماعات المتطرفة، الآن، تقوم على التحول من مسك الأرض إلى منظمة سرية تنفذ عمليات انتحارية إرهابية في عواصم دولية وعربية بالاعتماد على الخلايا النائمة، فما عاد تنظيم داعش يحتاج إلى إرسال عناصره إلى أوروبا والغرب بقدر ما أنه يراهن على أنصاره ومؤيديه في الداخل، وهنا يكمن التحدي لأجهزة الاستخبارات.

المصدر