علاء هادي الحطاب
مثّلت زيارة البابا فرصة كبيرة للعالم في أن يتعرف على العراق، وللعراق، في أن يكون تحت دائرة ضوء كبريات وسائل الإعلام الدولية.
نعم كان العراق محطَّ أنظار وسائل الإعلام، لكن الانفجارات والقتل والدماء والصراع كانت مواد لتلك المؤسسات الإعلامية في تناولها اسم العراق، لذا لم يعرفوا عن العراق سوى لغة الحرب وما تبعها من مآسٍ ومحن.
هذه المرة اقترن اسم العراق بمادة إعلامية إيجابية للعراق، إذ اقترن اسمه بزيارة أهم شخصية دينية روحية لقرابة ثلث سكان الكرة الأرضية إلى أرضه، وما نتج عن تلك الزيارة من تعريف بالأماكن التي زارها، والنشاطات والفعاليات التي قام بها، فتعرّف العالم على عراق غير الذي سمعوا عنه وشاهدوه، عراق فيه أهم الأماكن الدينية وأعرق وأقدم الحضارات في العالم، عرفوا أن في العراق إرث الأنبياء والمصلحين، عرفوا أن في العراق سُنَّ أول القوانين والتشريعات.
عرفوا أيضا أن العراق ليس غابة وساحة صراع وقتال، بل إنه أرض سلام ومحبة وأخاء ومودة، بلد يُكرَم فيه الضيف ويُعَز فيه الغريب، بلد لكل شبر في أرضه حكاية وقصة، بالنتيجة بلد يستحق أن يُزار ويتعرف عليه العالم كما تعرف عليه بابا الفاتيكان وحقق حلم حياته بزيارة أرض العراق.
هذا الأمر سيدفع ملايين البشر ممن يقتدون بالفاتيكان ويقدِّرون خطوات زعيمهم الروحي إلى أن يفكروا ملياً، اليوم أو غدا، بتقليد واتباع خطوات البابا، لأنهم يدركون – أن شخصية مهمة كفرنسيس، بابا الفاتيكان، لا يقدم على خطوة زيارة العراق في هذا الظرف الحساس مع انتشار جائحة كورونا ومخاطر صراع المنطقة وهشاشة الأوضاع في العراق والمنطقة – إلا لأجل ما يستحق كل تلك المخاطر والتضحية، وازداد الأمر يقيناً بأهمية زيارته ما صدر عنه من تصريحات ثبّتت عمق هذه الزيارة وأهميتها، لذا فمن المتوقع جداً أن هذا الأمر سينسحب على شخصيات كبيرة ومهمة في العالم، فضلاً عن المهتمين بالتأريخ والحضارة والفكر والدين وغيرهم.
هنا نحن بأمسِّ الحاجة اليوم إلى أن نوظف ما تحقق لمصلحتنا، سياحياً على الأقل، في أن نجتهد بتسويق ما حصل باستمرار توفير البيئة الآمنة الصالحة لقدوم مختلف السيّاح إلى أرضنا، فنحن لدينا التأريخ والحضارة الضاربة في عمق الوجود، ولدينا الماء العذب وأهواره، ولدينا الجبال والوديان والسهول، ولدينا الصحراء ووفرة شمسها لمن يحبها، لدينا كل ما يسر الناظرين والباحثين، ما نحتاجه فقط أن ننجح في تسويق كل ما تقدم، عندها إذا استثمرنا ذلك بالإضافة إلى استثمارنا لزيارات العتبات المقدسة سنوفر فرص عمل كبيرة لشبابنا وفرص استثمار وبنى تحتية كبيرة لمدننا، وهذا الأمر يقع على عاتقنا جميعاً، حكومة ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني ونخبة مجتمع وعامة الناس.
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
السابق بوست