قضية الدعوى ضد المواطن كاظم مهدي

391

هيئة الدفاع عن الحريات في العراق

استدعي المواطن كاظم مهدي ثامر رحيل العواد إلى محكمة جنح وجنايات بابل – مكتب التحقيق القضائي للحضور أمام محكمة جنح الحلة في ٠٣/٠٢/٢٠٢١ لمحاكمته وفق المادة القانونية ٣٧٢ من قانون العقوبات، والتي تنص على الآتي:

١) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات:

أ- من اعتدى بإحدى طرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية أو حقر من شعائرها.

هـ- من أهان علنا رمزا أو شخصا هو موضع تقديس أو تمجيد أو احترام لدى طائفة دينية.

وذلك بسبب نشره لمنشورين بالنصين أدناه:

١) علموا أولادكم الحرية ورفض الظلم، ولتذهب الرماية والسباحة وركوب الخيل إلى الجحيم.

٢) للطرفة: أتوقع الفرج على يد كورونا، لأنها أول ما بدأت بالعمامة. الشفاء العاجل للمرضى.

إن السيد كاظم مهدي العواد لا يستحق عقوبة السجن لثلاث سنوات وفق ما تنص عليه المادة في (أ) و(هـ)، لأن ليس في منشوريه المذكورين ما فيه اعتداء على معتقد لإحدى الطوائف الدينية أو تحقير لشعائرها كما نص البند (أ) من المادة، وكما ليس فيه إهانة لرمز أو شخص هو موضع تقديس أو تمجيد أو احترام لدى طائفة دينية كما نص البند (هـ) من نفس المادة.

فإذا تناولنا المنشور الأول، فهو لم يأت بما يخالف الدين، لأن الدين حسب عقيدة أتباعه يدين الظلم أيضا. فما أدرانا لو كان أحد المسلمين قد سأل عند سماعه لهذا الحديث نبيه قائلا: وماذا يا رسول الله لو ابتلينا بزمان تسلط فيه علينا ظالم، أفيكون الأهم تعليم أولادنا ما ذكرت، أم تعليمهم رفض ومقاومة الظلم والظالم، فلربما كان سيجيب النبي بمثل قوله هذا المواطن في المنشور المذكور، أن علموا أولادكم رفض الظلم والوقوف في وجه الظالم، ولتذهب الرماية والسباحة وركوب الخيل إلى الجحيم. والاستدلال على هذا الاحتمال هو الأحاديث النبوية في العدل والظلم، أهمها «أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر»، وكذلك الحديث «عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة قيام ليلها وصيام نهارها، وجور ساعة شر من معاصي ستين سنة». وجاء المنشور للسيد كاظم مهدي العواد متفقا تماما مع هاذين الحديثين. فعندما يعتبر النبي العدل يعادل عبادة الله قياما في الليل وصياما في النهار بمقدار ٥٩٤٧٢٠ مرئ، والجور شرا من المعاصي بما يعادل ٥٠٩٧٦٠ مرئ، فكيف لا تكون الحرية ومقاومة الظلم خيرا من التكاليف الترخيصية، أي التي هي عبارة عن نصائح وسنن مستحبة، لا يأثم تاركها، بينما اللامبالاة تجاه الظلم والظلمة قد يعد من الكبائر.

أما المنشور الثاني، فإن السيد كاظم مهدي العواد قدم له على أنه للطرفة، ولم يتعرض لشخصية مقدسة ولا لعقيدة دينية، إلا بذكر العامة، والمراجع وعقلاء رجال الدين يعلمون أن العمامة ليست مقدسة بذاتها، ولا هي دليل على علم وتقوى استقامة كل من يضعها على رأسه. وكان أقصى ما يمكن الرد على منشوره، بأنه قد يفهم منه ازدراء للدين، ولا تستحق القضية أن ترفع دعوى ضده، والمطالبة بإنزال عقوبة السجن بثلاث سنوات عليه.

ثم حتى لو افترضنا صحة أن يفسر المنشوران المذكوران مما تنطبق عليهما أو على أحدهما المادة القانونية آنفة الذكر، فإن هذه المادة باطلة بحكم الدستور، ولقد جاء في المادة (١٣): أولا من الدستور: «يُعَدُّ هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق، ويكون ملزما في أنحائه كافة، وبدون استثناء.» وفي ثانيا من نفس المادة الدستورية ورد: «لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلا كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قانوني آخر يتعارض معه.» وبالتالي يعتبر القانون ٣٧٢ كله باطلا بحكم الدستور، ذلك لتعارضه مع المواد الدستورية أدناه:

المادة (٣٧):

ثانيا: تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني.

المادة (٣٨):

تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب:

أولا: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.

المادة (٤٢):

لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة.

المادة (٤٦):

لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية.

إذن بحكم كل من المادة (٣٧) ثانيا، والمادة (٣٨) أولا، والمادة (٤٢)، والمادة (٤٦)، يكون القانون ٣٧٢ باطلا، ولا يجوز إنزال أي عقوبة بموجبه، لمخالفت للمواد الدستورية المذكورة، ولأن «الدستور يعد القانون الأسمى والأعلى في العراق»، و«يُعَدُّ باطلا كل […] نص قانوني آخر يتعارض معه».

وللأسباب المذكورة أعلاه يجب إسقاط الدعوى المقامة ضد السيد كاظم مهدي العواد ثامر رحيل العواد باطلا، ولا يجوز إنزال أي عقوبة بحقه، أولا لعدم انطباق المادة القانونية المقامة الدعوى ضده بموجبها، وثانيا وهذا هو الأهم لبطلان القانون ٣٧٢ بحكم الدستور.

مع العلم إنه مهدد بالحكم عليه لسنة مع وقف التنفيذ، ومنعه من الكتابة والنشر والتصريح لثلاث سنوات، وإما لستة أشهر مع التنفيذ، والاحتمال الأول هو الأرجح، أو ما سيحاول مقيمو الدعوى ضده تحقيقه، وجدير هنا بالإشارة إلى أن الجهة التي أقامت الدعوى ضده ليست جهة دينية بل جهة سياسية، وهي الهيئة السياسية المركزية للتيار الصدري ومكتب الحنانة العائد لزعيم التيار. والمدعى عليه له أسرة وأب لطفلين، بنت ذات ثلاث سنوات، وولد عمره سنة واحدة.

هيئة الدفاع عن الحريات في العراق (هـ.د.ح.ع)

٣١/٠١/٢٠٢١

المصدر