روسيا والغرب تشكل جبهة موحدة ضد تركيا في قره باغ!

111

عادل كريم، صحفي حر

إن إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إرسال الجنود الأتراك إلى قرة باع يغضب ليس فقط روسيا بل الغرب أيضاً.

أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكي فيليب ريكير أن رؤساء مشتركين لمجموعة “مينسك” لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا المخصصة بتسوية الصراع في قرة باغ سيزورون كلا ايريفان وباكو بهدف إجراء المباحثات مع السلطات الأرمنية والأذربيجانية في السبت ويوم الأحد. وشدد الدبلوماسي الأمريكي على أن ليس لدينا بديلاً سوى جهود قائمة رامية للتسوية الدبلوماسية لنزاعات حول قره باغ.

تخفى وراء هذا الإعلان استياء واشنطن من النشاطات التركية المتعلقة بشأن قره باغ وخاصة محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف بتثبيت دور أنقرة كدولة ضامنة لتسوية الصراع في المنطقة المتنازع عليها التي يقوم بها الزعيمان منذ توقيع الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان بوساطة روسيا ومن المرجح أن أنقرة ستنشر القوات التركية في قره باغ فور بروزها كـ دولة ضامنة لتعمل بشكل مستقل عن العسكريين الروس الموجودين في المنطقة حالياً.

لقد حاول أردوغان بلا طائل بسعيه لتوسيع النفوذ التركي في جنوب القوقاز والتوصل إلى الاتفاق مع رئيس روسيا فلاديمير بوتين حول إنشاء المركز التركي لمراقبة على التزام الطرفين بنظام وقف النار ليكوم مستقلاً عن موسكو. وبعد فشل هذه المبادرة كشف المسؤولون الأتراك خطة إرسال الوحدات الهندسية التركية إلى قره باغ بذريعة إزالة الألغام، ولكن عبّر الخبراء العسكريون الروس والأرمن عن قلقهم بأن أنقرة سترسل القوات الخاصة إلى المنطقة تحت ستار نشر مهندسين وذلك للقيام بالعمليات التخريبية.

هذا الأمر أثار عدم رغبة للتعاون من قبل روسيا غضب أردوغان الذي قرر إلغاء الاتفاق الثلاثي الذي تم توقيعه تحت الرعاية الروسية. بالإضافة إلى ذلك، أصر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بإصرار على صيغة الاتفاق الجديد الذي يثبت سيطرة أذربيجان على منطقة قره باغ انتهاكاً للاتفاق الحالي. في الوقت الحالي، تطلب باكو أن الاتفاق يشير إلى أن القوات الروسية تم نشرها في الأراضي الأذرية. من غير المحتمل أن الرئيس الأذربيجاني أطلق هذا المسعى المفاجئ بدون التشاور مع أردوغان الذي لا يزال يريد أن يكون حامياً سياسياً لباكو.

في غضون ذلك، توقفت موسكو وأنقرة عن محاولتهما لإخفاء الصراعات الدبلوماسية بين البلدين. يعطي ذلك فرصة للغرب لاغتنام زمام المبادرة في حل نزاع قره باغ، ومن غير المرجح أن الغرب بنفسه سيلعب الدور الرئيسي في تسوية الأزمة في قره باغ وسط الاضطراب الاقتصادي الهائل الذي سببته جائحة فيروس “كورونا”، ويمكنه تهدئة أردوغان إذا تحالف مع روسيا الإتحادية.

كمت أنه من الممكن أن يعقد الكرملين صفقة مع شركائه في مجموعة “مينسك” في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من أجل كبح طموحات الرئيس التركي، ومن المرجح أن الخطوة المشتركة الأولى للتحالف بين روسيا والغرب ضد تركيا تكون منح قوات حفظ السلام الروسية المتمركزة في قره باغ بتفويض منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وسيؤدي ذلك على الفور إلى فشل محاولات أردوغان في إرسال “خوذه الزرقاء” إلى المنطقة، تجنباً للمؤسسات الدولية.

وبالتالي، تبدو تصريحات فلاديمير بوتين، الذي يعبر عن احترامه لجهود فرنسا والولايات المتحدة لتعزيز الوساطة في قره باغ، مقدمة للتحالف المستقبلي. حيث يشير الخبير الأمريكي برادلي رينولدز إلى اهتمام موسكو بتشكيل تحالف خاص مع باريس وواشنطن، وقال محلل سياسي، “الآن عندما تبذل روسيا جهودها القصوى في اللعبة الجيوسياسية في جنوب القوقاز، وترتفع المخاطر فيها، تحتج موسكو إلى المساهمة في إيجاد حل سياسي للنزاع في قره باغ”.

لا ينكر البيت الأبيض استعداده لبناء جسور مع الكرملين لإبقاء الرئيس التركي خارج اللعبة. “نحن قلقون بشأن دور تركيا ومشاركة المقاتلين الأجانب وتزويد اذربيجان بالسلاح. هذه القضايا موجودة على جدول أعمال لحوارنا مع روسيا بحسب فيليب ريكير.

أخيراً، في ظل هذه الظروف، تتحول منطقة قره باغ، التي كانت مؤخراً ساحة المعركة بين أرمينيا وأذربيجان، إلى ساحة اشتباك لمصالح تركيا والغرب. في الوقت نفسه، يخاطر الزعيم التركي رجب طيب أردوغان بالبقاء وحيداً أمام تحالف روسيا والغرب، اللتان قد تنسيا الخلافات السابقة لإجبار أردوغان الخروج من السياسة العالمية.

المصدر