بغداد/ فراس عدنان
اشارت مفوضية حقوق الإنسان الى أن الأرقام المسجلة رسمياً لحالات العنف الأسري خلال العام الحالي لا تعكس واقع الحال، مقدرة وصولها إلى مئات الألوف من الجرائم، لافتة إلى أن العراق بدأ يشهد صوراً متقدمة وبشعة من الانتهاكات لم تكن مألوفة في السابق،
متهمة الحكومة بعدم وضع سياسة صارمة توضح طبيعة العلاقة داخل العائلة الواحدة. وذكر عضو المفوضية فاضل الغراوي في حديث لـ(المدى)، أن “وزارة الداخلية العراقية سجلت 15 ألف حالة عنف أسري خلال العام الحالي”.
وتابع الغراوي، أن “تلك الأرقام للحالات الموثقة فعلياً، ولكن الواقع قد يصل إلى مئات الآلاف، كون الغالب الأعم من العنف لا يصل إلى الجهات التحقيقية”.
وأشار، إلى أن “أسباب العنف الأسري قد تفاقمت وتزايدت خلال العام الحالي، فبعد أن كنا نتحدث عن جوانب نفسية واقتصادية والكترونية، ظهرت جائحة كورونا والحجر الصحي وما لحق ذلك من مشكلات على مختلف الأصعدة”.
وبيّن الغراوي، أن “المؤسسات الحكومية لم تضع لغاية الآن خططاً ستراتيجية للتعامل مع هذه الوقائع والحد منها، من خلال سياسة تنفيذية واقعية”.
ويرى، أن “منح فرصة مناسبة لتسجيل دعاوى العنف الأسري، سيضعنا أمام كم كبير جداً من هذه القضايا التي لم توثق رسمياً خشية من الجوانب الاجتماعية والعرفية”.
وأورد الغراوي: “بدأنا نسجل صوراً بشعة لجرائم تقع داخل نطاق الأسرة من ضرب مبرح واستخدام آلات جارحة، ومواد حارقة، ودس للسم في الطعام، وجميعها يصل بالضحية إلى الموت”.
ويواصل الغراوي، أن “قسماً كبيراً من هذه الجرائم يستهدف الأطفال بالدرجة الأساس من خلال التخلص منهم، وقد تورط بها أباء وأمهات على حد سواء، إضافة إلى التعذيب الذي تتعرض له بعض النسوة من قبل أزواجهن”. ويجد المتحدث، أن “العراق قد تجاوز حدود الصور النمطية للعنف الأسري، وبدأ يسجل جرائم وحشية، مع غياب واضح لجهات معنية تتولى المراقبة الفعلية لهذه الحالات”.
ومضى الغراوي، إلى أن “الفوضى التي تعيشها البلاد، هي من قادت إلى الانفلات الكبير داخل العديد من العائلات، يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار غياب القانون وتجاوز الواجبات الأسرية للآباء والأمهات، خصوصاً في المناطق النائية”.
من جانبه، أفاد رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب أرشد الصالحي، بأن “اللجنة مهتمة جداً بتشريع مجموعة قوانين تسعى للحد من حالات الجرائم المرتكبة داخل الأسرة، وتشريعات داعمة للمرأة والطفولة”.
وأضاف الصالحي، في حديث لـ(المدى)، أن “الأغلبية غير متوفرة في الوقت الراهن لإقرار تلك القوانين ورفعها للمناقشة داخل البرلمان والتصويت”.
ولفت، إلى أن “الكتل الكبيرة تفضل قوانين أخرى لها تبعات سياسية ولا تهتم بتشريعات توفر الحماية للعائلة والمجتمع بنحو عام”.
ويواصل الصالحي، أن “واحدا من أسباب تزايد العنف الأسري ووصوله إلى معدلات غير مسبوقة هو عدم إقرار القوانين التي تنظم الحياة الاجتماعية وتحفظ حقوق الأفراد”. وأستطرد، أن “المنظمات المعنية بمتابعة الأحوال الاجتماعية داخل الأسر هي الأخرى لم تقم بالواجب المطلوب منها، في رصد الانتهاكات”.
وانتهى الصالحي، إلى أن “الحكومة تتحمل المسؤولية أيضاً؛ لأن الأوضاع أصبحت لا يمكن السكوت عنها، في وقت يفتقر العراق إلى سياسة جنائية واضحة للتعامل مع الانتهاكات داخل الأسرة ومحاسبة مرتكبيها”.
يشار إلى أن رئاسة الجمهورية كانت قد أرسلت العام الماضي مشروع قانون مناهض للعنف الأسري، ولحقتها الحكومة بمشروع آخر قبل أربعة أشهر باسم قانون الحماية من العنف الأسري، فيما يمتنع مجلس النواب عن مناقشة أي منهما لغاية الآن.