ذي قار / حسين العامل
في الوقت الذي تجدّدت فيه الإشتباكات ما بين القوات الأمنية والمتظاهرين في محيط ساحة الحبوبي بالناصرية عصر يوم الاحد، دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الى تولي إدارة الملف الأمني في محافظة ذي قار
إثر تصاعد وتيرة العنف في المحافظة التي شهدت مواجهات دامية بين القوات الأمنية والمتظاهرين، فيما كشفت عن اغتيال شخصين واعتقال 30 متظاهراً وإصابة ٤٣متظاهراً وعنصر شرطة خلال اليومين المنصرمين.
وقال المتظاهر أحمد الناصري للمدى إن “المصادمات ما بين القوات الأمنية والمتظاهرين تواصلت لليوم الرابع على التوالي “، مشيراً الى أن ” القوات الأمنية اقتحمت ساحة الحبوبي عصر الأحد بعد أن تجمع فيها المئات من المتظاهرين ما أدى الى الاشتباك بين الجانبين”.
وأشار الناصري الى أن ” القوات الأمنية استخدمت الرصاص الحي وقنابل الغاز لتفريق المتظاهرين “، مؤكداً ” تواصل عمليات الكر والفر في محيط ساحة الحبوبي والشوارع المؤدية لها”.
وفي ذات السياق أصدرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق بياناً حول أعمال العنف والأحداث الجارية في محافظة ذي قار جاء فيه أن ” المفوضية راقبت من خلال فرقها الرصدية الأحداث الجارية في محافظة ذي قار خلال اليومين الماضيين والتي وثّقت فيها حصول حالات اغتيال واختطاف وحصول مصادمات بين المتظاهرين والقوات الأمنية “، مؤكدة ” استخدام القوات الأمنية الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي ، واستخدم المتظاهرون الحجارة ضد القوات الأمنية”.
وأشار البيان الذي اطلعت عليه المدى الى أن ” حصيلة الأحداث أسفرت عن إصابة ٤٣ شخصاً من المتظاهرين والقوات الأمنية واغتيال شخصين ، اعقبتها حملة اعتقالات قامت بها القوات الأمنية ضد ناشطين ومتظاهرين إذ تم اعتقال ٣٠ متظاهراً بينهم صحفي”، وأضاف ” وفي الوقت الذي تؤكد فيه المفوضية على حق المواطن بحرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي والأمن والأمان فإنها تدعو كافة الأطراف الى التهدئة وضبط النفس وتغليب لغة الحوار بدلاً من لغة العنف والعمل معا للحفاظ على أمن المحافظة وحقوق أبنائها”.
وختمت مفوضية حقوق الإنسان بيانها ” كما تدعو المفوضية رئيس الوزراء الى تولي الملف الأمني في المحافظة الذي شهد العديد من الانتكاسات والانتهاكات ومعالجة كافة الملفات وإعادة الأمن والأمان لهذه المحافظة وإيقاف مسلسل الاغتيالات والخطف وتقييد الحريات”.
وكان المتظاهرون قد استعادوا ساحة الحبوبي ليلة يوم السبت وذلك بعد ثلاثة أيام من المواجهات وعمليات الكر والفر بينهم وبين القوات الأمنية التي حاولت منعهم من الوصول للساحة المذكورة عبر استخدام الرصاص الحي وقنابل الغاز والهراوات ومئات الآليات العسكرية المستخدمة في ملاحقة المتظاهرين من شارع الى شارع ، فيما استخدم المتظاهرون الحجارة والإطارات المحروقة لإيقاف تقدم القوات الأمنية.
وتأتي استعادة السيطرة على ساحة الحبوبي بعد اعتماد المتظاهرين تكتيك التصعيد المناطقي الذي شتت قوة العناصر الأمنية وأنهك قواها حيث اندلعت التظاهرات في أكثر من 10 مناطق متفرقة في توقيت واحد وتواصلت على مدار يوم السبت وهو ما اضطر القوات الأمنية للانسحاب من معظم شوارع مركز المدينة باتجاه صوب الشامية حيث مقر قيادة شرطة ذي قار.
في حين شهد صباح يوم الاحد عودة الهدوء الى ساحة الحبوبي بالتزامن مع انسحاب طوعي من قبل المتظاهرين أعقبه انتشار واسع للقوات الأمنية في مركز مدينة الناصرية.
وعن مجريات أحداث يوم السبت يقول المتظاهر حيدر السعيدي للمدى إن ” المتظاهرين وبعد منعهم من الوصول الى ساحة الحبوبي وتواصل حملة الاعتقالات لجأوا الى تبني تكتيك التصعيد المناطقي ، إذ اندلعت التظاهرات في الأحياء الشعبية في مناطق الشرقية والصالحية وسومر والشهداء وشوارع النيل والعروبة والنبي إبراهيم في مركز مدينة الناصرية”، وأضاف “فيما شهدت أقضية سوق الشيوخ والإصلاح والشطرة وقلعة سكر تصعيداً مماثلاً وقطع للطرق الرئيسة بالإطارات المحروقة”.
وأشار السعيدي الى أن ” التصعيد المناطقي في مناطق متفرقة ومتباعدة أدى الى تشتيت حشود القوات الأمنية وافقدها زخم القوة الذي كانت تتمتع به وهي مجتمعة “، منوهاً الى أن ” اعتماد هذا التكتيك أربك حركة القوات الأمنية وأنهكها وبعث التذمر بين صفوفها ما اضطرها الى الانسحاب أمام تقدم المتظاهرين الذين استعادوا ساحة الحبوبي من خلال مهاجمتها من أربعة محاور”.
وفي ذات السياق دعا ناشطو التظاهرات في أقضية ونواحي محافظة ذي قار والمحافظات الأخرى الى المزيد من التصعيد للتضامن مع متظاهري الناصرية ومواجهة حملات الاعتقال والعنف المفرط المستخدم ضد المتظاهرين.
ويشهد مركز مدينة الناصرية منذ يوم الخميس المنصرم تصعيداً في وتيرة الفعاليات الاحتجاجية إثر استمرار حملة الاعتقالات التي طالت عشرات الناشطين من بينهم الناشط المعروف إحسان الهلالي (أبو كوثر) الذي أدى اعتقاله الى اندلاع التظاهرات في اليوم المذكور، وما زاد من وتيرة العنف قيام جهات مجهولة باستهداف دور الناشطين وترويع أسرهم بتفجير عبوات ناسفة وصوتية.
وأسفرت أعمال العنف التي شهدتها تظاهرات الناصرية التي تواصلت على مدى يومي الخميس والجمعة ( 7 و8 كانون الثاني 2021 )عن إصابة عشرات المتظاهرين وعناصر من القوات الأمنية ناهيك عن اعتقال عشرات آخرين، وفيما أكد مصدر في مكتب مفوضية حقوق الإنسان رصد أكثر من عشرة مقاطع فيديوية توثق أعمال العنف التي شهدتها التظاهرات، أعربت منظمات حقوقية عن قلقها من العودة الى المربع الأول من العنف، ولاسيما بعد اغتيال رئيس غرفة المحامين في الشطرة.
وكانت القوات الأمنية قد قامت باعتقال الناشط في تظاهرات الناصرية إحسان الهلالي (أبو كوثر) بعد ملاحقته، فيما تشير مواقع ومدونات تابعة لناشطين في تظاهرات ذي قار الى أن الهلالي تعرض للدهس قبيل اعتقاله.
وذكر ناشطون في تظاهرات محافظة قار مؤخراً أن استمرار حملة الاعتقال والترهيب التي تستهدف ناشطي التظاهرات في المحافظة تهدف لإرغامهم على التخلي عن التظاهرات والفعاليات الاحتجاجية في ساحة الحبوبي، وفيما كشفوا عن تفجير 17 منزلاً من منازل المتظاهرين والمواطنين واعتقال العديد منذ وصول فريق خلية الأزمة برئاسة مستشار الأمن الوطني قاسم الاعرجي الى المحافظة مطلع شهر كانون الأول المنصرم، أشاروا الى تداول قائمة اسماء مسرّبة تضم أكثر من 50 ناشطاً مطلوب اعتقالهم في مديرية مكافحة الإرهاب.
وجدّد آلاف من متظاهري الناصرية فعالياتهم الاحتجاجية في ساحة الحبوبي يوم الجمعة (18 كانون الأول 2020) وذلك بعد نحو أسبوع من رفع خيام الاعتصام في الساحة المذكورة، داعين لوقف حملة الاعتقالات وجرائم الاغتيال وتحقيق المطالب المشروعة التي يطالب بها المتظاهرون منذ انطلاق تظاهرات تشرين وحتى الآن.