جائحة الفساد

565

مريم كريم الخالدي

الجائحة والوباء العام هو وباء ينتشر بين البشر في مساحة كبيرة وقد يتسع ليضم ارجاء العالم كافة، ومثل ما ابتلى العالم بالاوبئة والجوائح مثل الطاعون الاسود وفيروس نقص المناعة المكتسبة والانفلونزا الاسبانية و فيروس كورونا. فقد وجدنا وباء اكثر فتكا بالمجتمع وتحول الى جائحة وهو الفساد الاداري والمالي. ورغم محاولات مكافحة هذة الجائحة الخطيرة (الفساد) عبر النصوص القانونية والتشريعية الصارمة وتعدد أجهزة مكافحة الفساد، الا أن القوانين غير قادرة بمفردها على أن تسيطر على ظاهرة الفساد المتشعبة والمتعددة الاسباب، ولأن من يقومون بأعمال الفساد يعملون في شبكات منظمة ومتداخلة ومتنفذة، فعمليات الفساد الكبرى لا يقوم بها شخص واحد، بل اشخاص متعددون تختلف مناصبهم ومواقعهم الوظيفية والسياسية والاجتماعية وتتفق مصالحهم ورغباتهم وهم يدافعون عن هذه المصالح بشتى الطرق غير الشرعية. لذا فإن القوانين والنصوص لوحدها لا تعالج هذه الظاهرة، بل لا بدَّ لها من أن تتكامل مع وسائل أخرى. وقد عرفت محاولات عدة لدول شتى وتمت عن طريق إصدار العديد من القوانين الخاصة المتعلقة بمكافحة الفساد والنزاهة والمساءلة والشفافية، ولكنها لم تطبق على ارض الواقع الا على الجرائم البسيطة او على جرائم ارتكبها صغار الموظفين. إنَّ عملية الوقاية من جائحة الفساد ليست شأنا خاصا بالمؤسسات في الدولة او القطاع العام فقط، لأن الفساد ليس ظاهرة حكومية فقط، بل هو ظاهرة عامة تتواجد في جميع قطاعات الدولة والمجتمع المدني. لذا فلا بدَّ من ان تواجه هذه الظاهرة على جميع المستويات وعلى صعيد جميع قطاعات وشرائح المجتمع. وإنَّ مكافحة الفساد بالإجراءات الوقائية لا يقل شأنا عن مكافحة جائحة كورونا ويجب تضافر الجهود للوصول الى لقاح للفساد وهو الضرب على أيدي الفاسدين بقوة تطبيق القانون.المصدر