الشهادة لمن يستحقها وسام وهوية

383

الشهادة لمن يستحقها وسام وهوية

اغلى ما يقدمه الانسان هو روحه في سبيل الوطن والعقيدة وحين ينذر الإنسان نفسه في أي موقع كان لخدمة وطنه ومن فيه.. وحين تسمو في نفسه معاني البذل والعطاء فيقدم بكل شجاعة وبطولة على ترجمة ما تربى عليه وتعلمه تجتمع كل ذلك في نفس واحدة ،ونلاحظ ان الامم تهتم بالشهداء وتتعاطف معهم دون غيرهم ، وهذه من عظمة عطائهم و ما قدموا لتلك الشعوب لأنهم جادوا بأنفسهم ، فكان لهم الأثر الواضح من خلال الجوانب المعنوية والابتعاد عن الماديات ، فبدمائهم رسموا طريق الحرية والاستقلال ، وينجلي الظلم والقهر والفساد ويتحقق العدل والانصاف ، وتترسخ المثل والقيم السماوية التي تمثل القيم المطلقة التي تشرعها الانظمة الالهية والانسانية. وتختلط المشاعر عند الكلام على استشهاد أحد ألابطال فى سبيل الله، ما بين أسى لفراقهم، وفرح بمقامهم الكريم في ارتقائهم الى رب العالمين، واطمئنان بوجود رجال أبطال يثبتون كل يوم أنهم على قدر المسؤولية التى تحملوها مختارين بتقديم أرواحهم دفاعا عن وطنهم وعن الحق في اي مكان والذود عن أهلهم مما يجعلنا على يقين أن البلاد والعباد مصونة بفضل الله عز وجل ثم بفضل سواعد هؤلاء الأبطال وعلى صعيد الأجيال أن توثق عطاءاتهم وما بذلوه فتكون نبراساً لغيرهم.

والشهادة لها الاثر الايجابي الذي تحققه بدم الشهيد وتضيئ للأمة دربها وتنير لها طريقها ، ولا شك ان من يثبت هذه القيم ويرسخها في الامة لابد ان يحظى منها بأعظم اهتمام ليبقى الدافع الامثل في تقديم الغالي والاحساس بالقيم و بقاء الروح ،من هنا كانت الشهادة حياة للأمم ، فالأمة الحية تقدس الشهيد والشهادة وتعتبرها قيمة انسانية وثقافة إلهية تفهم ان الموت قتلا في سبيل الله هو الحياة وان الحياة من دون ثقافة الشهادة هي الموت . وقد تجلت هذه الحقيقة بقول الإمام الحسين (عليه السلام) : ( اني لا ارى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما ) . مثير الاحزان. ولكن ان منهج الشهيد قاسم سليماني وابو مهدي المهندس هو في الواقع ظهور وبروز الكلمة الطيبة التي تحظى بعقيدة فلسفية وثقافة مترافقة مع قيم معنوية سامية تتمحور حول شعار مملوء بروح العزيمة والايمان. ويحققون المثل العليا للتضحية ،ليشق محور المقاومة طريقه نحو بناء القوة والاستعداد من اجل ما أوجبه الله تعالي في ظروف تاريخية يهرول بعض القادة العرب الى عقد تحالف مع العدو الصهيوني تحت رعاية أمريكية ويعمل هؤلاء على إدماج العدو الصهيوني ضمن المنظومة الثقافية والاقتصادية والأمنية للمنطقة، و في ازالة الحرمان واجتثاث الفقر والتمييز وتحقيق العدالة، وتمثل فيهم الصبر، والعزيمة والخبرة والشجاعة، والعطوفة، والبكّاء لله، والحذق والبصيرة ، والفطن .هؤلاء هم رجال الشهادة الحقيقية توسم فيهم عطاء جزيلاً في الخير ومد يد العون للآخرين أينما كانت الحاجة للغوث وأينما سمع أنين محتاج، ان ثقافة التضحية والمقاومة ستستمر بوجود قادة ابطال من مثل هؤلاء الرجال الابطال، على العكس ممن يقدم على أبشع مجازر ترتكب في هذا العصر بتواطؤ مع من لا يحترم الاتفاقيات والمواثيق الدولية ويتركون دون محاكمة للجرائم التي ارتكبوها، اختار منهم ان يظل في سباته العميق فاقداً لكرامته وقراراته السياسية لا بل المشاركة في التخطط وتدعم هذه الجرائم من الحكومات الرذيلة والمنبطحة ولانهم حملوا هذه الحياة على المعنى المجازي . بمعنى بقاء اسمهم وخلود آثارهم واعمالهم وجهودهم والتي تصب عليهم اللعان .

هذا القول لا ينسجم مع قوله بان الشهداء يرزقون حقًّا ان كل شعب عظيم ينجب مثل هؤلاء الرجال الأبطال، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وإنها لأسر عظيمة تلك التى تقدم عن طيب خاطر اعزاء أكبادها فداء للوطن وللعقيدة ، وكم سمعنا أمهات ثكلى وزوجات ترملن من هذا الطريق وآباء فقدوا أعز ما يملكون ليقنوننا دروسا عظيمة فى الصبر والتضحية، او بما تحدثت الآيات عن سرورهم من نواح مختلفة و هم عند ربهم في عزة ويتفيؤون الظلال ويشربون من ماء كان مزاجه ما للاسن من مذاق.

يردون الحوض على السابقين و المقربين. يترفلون في أثواب من حرير ويتعطرون بالمسك ووجوههم يومئد ناظرة.يا فرحتهم يا فرحة، وانهم فرحين بما آتاهم الله وهم كثيرون بيننا وقد لا نختلف عنهم في شيء سوى أنّهم يمضون في الدُنيا باحثين عن الله لا عن الجنّة لأنهم يعلمون أنّه حيث ما يوجد الله سبحانه توجد الجنّة، حتى إنهم لا يكترثون قليلاً للجنّه بقدر ما يريدونه هو لقاءُ اللهِ جل وهم على نقاء وطهر وعلى الذي يُشفي ويُزيل ألمَ الدُنيا من قلوبهم -إن عبداً خيرهُ الله بين الدُنيا والأخرة فاختار لقاء الله-، هم يسيرون إلي الله في كل حين يعيشون لله وبالله لا يضِرُهم شيء، طيفُهم مضيء وطلتهم لا تأتي إلا بخيرٍ ونقاء، بالطبع لا تكفي الاقلام ولا الكتب للوصفِ عنهم أو عن حياتهم فهم أعظم من أن يصفهم أُناسٌ مِثلُنا..

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

المصدر