الدولة الريعية والنفطية!!
الرَيع هو النماء والزيادة ، وريعان كل شيئ أوله .. والدولة الريعية هي القادرة على النماء والتطور والإرتقاء وفقا لمفاهيم العصر الذي هي فيه.
وفي المفهوم الإقتصادي دولة رابحة تحقق نماءً متواصلا , وتكون ميدانا للإستثمارات المربحة , وتتوفر فيها فرص العمل والمشاريع المثمرة.
وقرأنا عن الدولة الريعية والمقصود بها التي لا يمكنها التحرر من مفهوم دولة النفط أو إقتصاد بئر النفط.
فدولة النفط ، دولة كسالى وحسب , لاتؤمن بالعمل والجد والإجتهاد ، وليست في عصرها ، ولا تتفاعل مع أية فكرة أو عقيدة تؤثر على رغد عيش المستحوذين على نفطها , فهم في غيبوبتهم وغثيانهم ونشوتهم وترنحهم على موائد الملذات والرغبات والشهوات المنفلتة.
دولة النفط عبارة عن نظام سياسي بدائي قبَلي جاهلي , لا يؤمن بالعلم والمعرفة والتقدم ورأسه هو العارف بكل شيئ , فهو الإمام والحاكم والأمير والملك والسلطان وما يقوله قانون ودستور، ومن حوله ركّع رتع يمّن عليهم من خيراته وهباته ليعظموه وينزهوه ويقدسوه.
ففي دولة النفط ، لا عقائد ولا مبادئ ولا أخلاق أو أديان ، بل لها نظامها النابع من بئر النفط , وما يقدمه من أموال طائلة ومغريات هائلة.
وفي دولة النفط لا يختلف حزب عن حزب أو طائفة عن أخرى , فالكل سواسية على دين ومذهب بئر النفط.
فعن أية دولة ريعية نتحدث والنفط مذهبنا؟
وعن أي مجتمع نكتب؟
النفط قوة تشل القدرات ، وتمحق الطاقات ، فلا طاقة تتفوق عليه ، ولا أسهل من تجارته وأربح على مر العصور ، فهو يتدفق من الأرض ، وكأنها هي التي تعيل مَن عليها وتغنيهم عن الجد والإجتهاد.
النفط خنجر مسموم في صدر أبناء المجتمعات النفطية كافة ، ويؤثر على شخصياتهم وسلوكهم وآليات تفكيرهم ، ويرسم خارطة الأنظمة السياسية ، التي خلاصتها ، أنّ ما يتحقق فيها غايته توفير الأسباب اللازمة لأخذ النفط والهيمنة عليه من قبل القوى التي تريد تسخيره لغاياتها القريبة والبعيدة ، الوطنية والستراتيجية ، فالنفط العربي يتم إستخدامه لتحقيق قدرات الهيمنة على مصير أهله والتحكم بدورهم في الحياة.
ووفقا لما تقدم فأن فكرة الدولة الريعية لا يمكنها أن تتحقق ، والمجتمعات النفطية وخصوصا العراق ، عليه أن يغسل يديه ورجليه من النفط ، لأن عائداته تذهب في حسابات الكراسي المستحوذة عليه وتنتهي في البنوك الأجنبية.
أو تتحول إلى سلاح ضد الشعب , فلم تستخدم لبناء وتحسين أحوال المواطنين على مدى القرن العشرين , ومنذ الفين وثلاثة تم إستخدامها أسوأ إستخدام , فصارت آبار النفط من حصص الأحزاب والفئات والأشخاص ، فعمّ الكسل والفساد والخراب.
إن حقيقة الدولة الريعية يتحقق بالتأكيد على العمل وقيمته , ودوره في تحسين الظروف المعيشية ومستوى الحياة.
فالعمل يجب أن يوفر للمواطن القدرة على العيش الكريم بلا رشاوى ، وأن يلبي حاجاته ، وليس العمل المبتور الذي يؤهل العامل للفساد والنهب والسلب والخراب.
العمل الذي يجعل المواطن يشعر بدوره وأهميته وبقيمة ما يقدمه.
أما النفط وعائداته فأن على الحكومة أن تبني بها المرافق الخدمية من المدارس والمكتبات والنوادي , ووسائل النقل والجسور والمطارات والمتنزهات والأسواق والبنى التحتية , وغيرها الكثير من المتطلبات المعاصرة للحياة الكريمة الراقية.
نعم يجب أن يتحقق البناء بأموال النفط , التي لابد لها أن تكون تحت رقابة مسؤولة ونزيهة , وأمام أنظار المواطنين ومكشوفة لوسائل الإعلام والصحفيين.
أما فكرة تقسيمها بين الناس فهذه غير ممكنة , وتساهم في تنمية الكسل وتركيع البشر.
فلكل منا حق بالنفط ، وحقنا الوطني المشترك أن نبني به بلادنا ونستخدمه لتحقيق وجودنا الإنساني الحضاري المعاصر.
فالنفط لن يبقى والإنسان يبقى.
فعلم الإنسان الصيد ولا تعطيه صيدا!َ!
د-صادق السامرائي
17102011
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.