البعثيون…..(أيقونة) التظاهرات التخريبية في العراق!

452

احمد صادق.

لا نحتاج، ربما، إلى الكثير من الكلام حول تسلل واختراق واندساس البعثيين من بقايا النظام السابق والجيل الجديد منهم في التظاهرات العراقية الوطنية منذ أول تظاهرة ضد الحكومة بعد سقوط نظام البعث في نيسان 2003 خرجت في شارع المتنبي وقادها مجموعة من المثقفين والكتاب الوطنيين رافضين التضييق على الحريات العامة، بسبب حادث لا نود ذكره هنا جرى داخل الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وعلى أثره تم غلق نادي الإتحاد! في تلك التظاهرة شارك، بعلم ومعرفة من أولئك المثقفين والكتاب الوطنيين المتظاهرين، عدد من المثقفين البعثيين من بقايا نظام صدام الذين كانوا يعملون في مؤسساته الثقافية والإعلامية مع عدد من المثقفين الذين كانوا بعثيين (وإن لم ينتموا) حسب مقولة صدام المعروفة حين أراد أن يجعل العراقيين بعثيين (بالعافية). بعد ذلك وفي أول تظاهرة وطنية حدثت في ساحة التحرير تحت نصب الحرية تطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد وتوفير الخدمات الأساسية للعراقيين ظهر البعثيون مرة أخرى (وظهر الشيوعيون أيضا ولكن دعنا منهم الآن، ربما سنتحدث عنهم فيما بعد في مناسبة مماثلة!) كنت ترى أربعة أو خمسة من البعثيين، إن كنت تعرفهم سابقا، وحتى لو لم تكن تعرفهم سابقا ففي الإمكان أن تتعرف عليهم بسيماهم وهيئاتهم التي تخبرك على أنهم رفاق من (الزمن الجميل.) كان هؤلاء يقفون جانبا يراقبون مجموعة من متظاهرين من بين بقية المتظاهرين ويتصرفون كما لو أنهم يشرفون على ويديرون تلك المجموعة من المتظاهرين ….. ومع تكرار التظاهرات صار البعثيون يخترقون ويتسللون ويندسون في كل تظاهرة وطنية تخرج للمطالبة بالإصلاح ومكافحة الفساد وتوفير الخدمات الأساسية. هذه المطالب المشروعة لم تكن ولن تكون من أهداف وغايات البعثيين في التواجد بين المتظاهرين اختراقا وتسللا واندساسا وإن هتفوا بها مع المتظاهرين الوطنيين السلميين. إن أهداف وغايات البعثيين من بقايا نظام صدام في الداخل منذ أن خرجوا من جحورهم بعد شهور من سقوط بغداد في نيسان 2003 كانت، ولا تزال وستبقى، هي السعي إلى تقويض النظام الجديد وإسقاطه والعودة بنظام البعث إلى حكم العراق. كانت هتافاتهم تتناغم في البداية مع هتافات المتظاهرين الوطنيين السلميين في الظاهر ولكن هتافاتهم في السر، قلوبهم وعقولهم، كانت ولا تزال تهتف بإلغاء الدستور وحل البرلمان وسقوط النظام الجديد وعودة البعث مرة أخرى. ورغم تجدد التظاهرات بين وقت وآخر بقيت ولم تتغير مطالب المتظاهرين الوطنيين السلميين وأكثرهم من الشباب الذين يتطلعون إلى حياة إنسانية كريمة عمل الحكام الإسلاميون الجدد بحرمانهم منها بسبب فشلهم وفسادهم في الحكم. لذلك لجأ البعثيون من جانبهم إلى تطوير تحركهم في التظاهرات بعد أن تيقنوا أن لا فائدة من التظاهر سلميا، كما هو حال المتظاهرين السلميين، من أجل المضي في تحقيق حلمهم في العودة إلى حكم البعث. بدأوا أولا بحرف التظاهرات عن مسارها الإصلاحي إلى مسار سياسي صريح حين هتفوا صراحة ورفعوا شعارات مطالبين بإنهاء حُكم الإسلاميين ومطالبين بحكومة مدنية وهم يقصدون، في حقيقة الأمر، حكومة بعثية! وبدأوا ثانيا بحرف التظاهرات عن مسارها السلمي وذلك بمغادرة ساحة التحرير للقيام بأعمال عنف وتخريب وحرائق في مناطق مختلفة من بغداد. وظهر واضحا أنهم صاروا مدفوعين وممولَين من جهات داخلية وخارجية استأجرت لهم ليكونوا معهم مجموعة من الصبية المشردين والضائعين من أبناء الشوارع الخلفية المظلمة والمشبوهة. وصار الجميع يخربون ويحرقون ويعتدون على القوى الأمنية، وفي كل مرة تطاردهم القوى الأمنية يعودون إلى ساحة التحرير حيث الشباب المتظاهر سلميا ليختفوا بينهم ويعمل الناشطون منهم في الليل على تحريض المتظاهرين السلميين للتخلي عن سلمية تظاهراتهم حتى إذا صار الصباح غادروا مرة أخرى ساحة التحرير ليستأنفوا أعمال العنف والتخريب والحرائق خارجها. ومع استمرار التظاهرات بدأ البعثيون يتصدرونها بشعاراتهم وهتافاتهم التي غطت على شعارات وهتافات المتظاهرين الوطنيين السلميين حتى جاء اليوم الذي صار فيه البعثيون (أيقونة) التظاهرات (السلمية) والتخريبية في آن واحد، وصار المتظاهرون الوطنيون السلميون تقل أعدادهم شيئا فشيئا في ساحات التظاهر دون أن يحققوا من وعود الحكومة الجديدة المؤقتة لهم إلا الشيء القليل مما طالبوا به كل هذه السنوات وأهمها إجراء انتخابات مبكرة. فلما خلت ساحات التظاهر من المتظاهرين السلميين أو كادت تخلو انكشف البعثيون وصاروا وحدهم (أيقونة) تظاهرات تخريبية وتحريضية وإثارة فتن واضطرابات وفوضى في بغداد والبصرة والناصرية وبعض المحافظات….. إن وعود الحكومة لا تهمهم حتى لو تحققت كلها، فما يهمهم هو عودة حزب البعث إلى الحكم ثالثة!

…… خلاصة الكلام، أن كل تظاهرة وطنية سلمية تخرج إلى الشارع للمطالبة بحقوق الناس المشروعة في الحياة الحرة الكريمة عن طريق الإصلاح والتخلص من الطائفية السياسية والمحاصصة الحزبية والزعامات العائلية ومكافحة الفساد وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين وتوفير فرص العمل والعيش الكريم للشباب …. يكون البعثيون (أيقونة) هذه التظاهرات، المتصدرين لها ولكن للمطالبة بــــ(حقوقهم) بإلغاء الدستور وحل البرلمان وسقوط الحكومة وإجراء انتخابات جديدة على أمل الفوز فيها وعودة نظام البعث إلى حكم العراق من جديد ما دام الانقلاب العسكري، وسيلتهم (الثورية) القديمة في السيطرة على الحكم، لم يعد ممكنا بعد نيسان 2003 …..!

وأخيرا، في كل تظاهرة عراقية وطنية تخرج اليوم أو غدا أو بعد غد في بغداد تطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد والقضاء على الطائفية في الحكم وإلغاء المحاصصة الحزبية وتوفير الخدمات الأساسية للناس …. عليك أن (تفتش) عن البعثيين المخربين في هذه التظاهرات للتخلص منهم من أجل أن لا يتسللوا إليها ويخترقوها ويندسوا فيها لينحرفوا بها إلى غاياتهم وأهدافهم في العودة إلى حكم البعث، ولكن، كيف السبيل والبعثيون كالحرباء في التقلب والتلون….؟!

بغداد في9/10/2020

المصدر