أوساط الكاظمي تدافع عن حملات السلاح المنفلت وتتحدث عن سيناريوهات مستقبلية

381

شككت مصادر عراقية بجدية العملية الأمنية التي أطلقتها الحكومة في البصرة وبغداد، معتبرين أن البعض “بالغ في تقديرها”، فيما ذهب آخرون إلى اعتبارها “فاشلة”. لكن مراقبين يتوقعون أن “شيئا كبيرا في طور الإعداد” وأن خطة الكاظمي “أعد لها بصبر”.

ورافقت الحملة الأمنية التي تستهدف “إعادة هيبة الدولة” حملة إعلامية وسياسية قادتها الحكومة العراقية التي يرأسها، مصطفى الكاظمي، وسبقتها اجتماعات مع الكتل السياسية لضمان عدم تدخلها لحماية عناصر متهمة بزعزعة الأمن.

لكن النتائج على الأرض، وبحسب مصادر لـ(موقع الحرة) “لم تكن مبشرة”، رغم ما تناقله عراقيون من صور ومقاطع فيديو لأرتال تابعة لجهاز مكافحة الإرهاب وهي تتقدم باتجاه محافظة البصرة، ومدرعات وعربات تابعة لقوات أمنية تنتشر في بغداد، مما أوحى بأن العملية ستكون كبيرة.

ولغاية الاثنين، “لم تحمل بيانات القوات العراقية أي نتائج مهمة” على مستوى العملية الأمنية التي تشارك بها قوات بأعداد ضخمة، مقارنة بحجم السلاح الموجود في بغداد والبصرة أساسا.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في بيانات متعددة اعتقال مطلوبين بتهم جنائية، وشخص بتهمة الإرهاب، ومصادرة 15 بندقية كلاشنيكوف وبضع قنابل يدوية وقذيفتي هاون وبندقية للقنص وسلاحا متوسطا واحدا. وبدلا من اعتقال شخصيات مسؤولة في الميليشيات، أو عصابات لترويج وتهريب المخدرات كما كان متوقعا، نشرت القوات الأمنية صورا لأعداد قليلة من البنادق والمسدسات الصدئة، وأسلحة الصيد، على أنها نتائج للعملية الأمنية.

وقال مصدر من جهاز الأمن الوطني في محافظة البصرة لموقع (الحرة) إن “حملة نزع السلاح في البصرة المعروفة بتعدد الميليشيات يقودها أبو محمود البدران قائد حرس الحدود وقيادي في منظمة بدر وهو ضابط دمج”. ويعني مصطلح الضباط الدمج الضباط الذين انتقلوا من الفصائل المسلحة إلى الجيش في فترة قتال داعش، ومنحت لهم رتب عسكرية بدون إكمال دورات الكلية العسكرية، ضمن مسعى قاده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لدمج المقاتلين في المؤسسة الأمنية.

وقال المصدر إن “الحملة نفذت في قضاء أبي الخصيب والزبير التين يسكنهما السنة، وسحب سلاح من عدد من المنازل، وهذا شيء اعتيادي يتحقق دائما بدون حملات كبيرة”. وأضاف المصدر أن الحملة لم تصل إلى المناطق التي تعتبر مخازن لأسلحة الميليشيات في البصرة مثل الهارثة وكرمة علي وخمسة ميل والمرفقية والحيانية والجمعيات، أو الدير والقرنة والهوير التي تعتبر مضطربة عشائريا وتمتلك عشائرها كميات كبيرة من الأسلحة”. ويتهم المتظاهرون في البصرة فصائل العصائب والكتائب وثأر الله بالمسؤولية عن مقتل العديد منهم، وتنفيذ عمليات اغتيال طالت عددا منهم. وقال الصحفي، أحمد عبد الكريم، لموقع (الحرة) “إن الصفقة التي قضت بأن يمنع المتظاهرون من التسلح وأن تواجه الحكومة هذه الدعوات كانت تقضي أيضا بأن يتم تأمين المحافظات واعتقال القتلة ومطلقي الصواريخ، لكن هذا لم يحدث”.

ووصف عبد الكريم الحملة الأمنية بـ”الوهم” الذي تم تسويقه إعلاميا، والذي جعل الناس “محبطة وفاقدة للأمل بشكل أكبر من قبل”.

وقال مصدر في مجلس الوزراء العراقي لموقع (الحرة) إن الحملة الأمنية “أريد لها أن تكون إعلامية كما يبدو وليس حملة حقيقية”، مضيفا أن “الكاظمي اجتمع بالقيادات الأمنية عدة مرات قبل الحملة وحرص على نشر صور الاجتماع، كما أن انتشار القوات رافقه تهويل كبير رفع من آمال العراقيين، بدون أن يحقق نتائج واقعية”.

وأضاف المصدر أن “مستوى التأهب في المنطقة الخضراء هو مستوى عادي، على غير المتوقع في حالات الحملات الكبيرة التي ترافقها عادة تهديدات للحكومة”.

ولم يوقف بدء الحملة الأمنية إطلاق الصواريخ التي تستهدف بشكل متكرر مطار بغداد والمنطقة الخضراء، وشهدت بداية الأسبوع الحالي حادثة إطلاق 3 صواريخ على المطار سقط أحدها قرب صالة المغادرة وأدى إلى تدمير سيارات مدنية.

وعلى الرغم من الانتقادات للحملة الأمنية، إلا أن مصادر عراقية ترى أن الكاظمي يتعامل بهدوء وصبر ليحقق النتائج المرجوة، من دون إحداث شرخ أو مواجهة في المجتمع العراقي، وأنه صاحب رؤية ثاقبة ونفس طويل. حيث يتمتع الرجل بخبرة كبيرة في التعامل مع الملفات الحساسة بسرية ودقة، كسبها من سنوات طويلة في قيادة جهاز المخابرات.

وقال مصدر في المكتب الإعلامي للحكومة العراقية إن “الحملة الأمنية ستكون على مراحل، وهي نتيجة خطة أعد لها بصبر”، مضيفا أنه “يتفهم خيبة الأمل التي نتجت عن الإعلان عن أول نتائج الحملة”.

وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن “الكاظمي يتمتع بنفس طويل، وأن خطة طموحة مثل فرض الأمن تستدعي التخطيط الجيد والتنفيذ المتأني”. وقال الصحفي، نزار فيحان، إن “الانتشار الكبير للقوات الأمنية يوحي بأن “شيئا كبيرا قد يكون في طور الإعداد”، مضيفا أن “قرار المواجهة قد يكون تأجل لضرورات سياسية أو تكتيكية، لكن الأوضاع تقول إنه لا يزال على الطاولة”.

وأضاف فيحان أن “المواجهة قرار كبير، خاصة وأن السلاح بيد أكثر من جهة عشائرية وميليشياتية وعصابات، ومواجهتها جميعا في وقت واحد قد يوحدها ضد الحكومة”.

المصدر